مرة أخرى يذكرنا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، أن الوطن والمواطن في قلبه وأن مسيرة العطاء مستمرة بلا توقف، وأن الإمارات بلد الاستقرار في هذا العالم المضطرب بيد ربان أمين. على مدى يومين متتاليين، وجه الشيخ محمد بن زايد رسائل بليغة تمس الحياة اليومية للمواطن في الكثير من تفصيلاتها، فمن جانب، جاءت حزمة التعليمات والأوامر الأولى لتعالج شأناً اجتماعياً خالصاً يتعلق بالدرجة الأولى بالنمو السكاني الذي تشهده إمارة أبوظبي، وما يترتب عليه من توسع في رقعة البناء والإسكان. فالأسر الجديدة التي تقوم يومياً في مجتمعنا الشاب، تحتاج إلى منازلها التي تؤسس فيها حياة مستقرة تتناسب مع العيش في مجتمع الرخاء القائم بالإمارات. وجودة الحياة والاستقرار الاجتماعي صنوان لحياة أسرية مستقرة في بيت يمتلك مقومات عصرية. كما أن تسريع رخص البناء وتوفير القروض وتسريع الأداء الحكومي في تشييد البنى التحتية للمجمعات السكانية الجديدة، تكمن في قلب القرارات الأخيرة، مما يذكر مرة أخرى بأن المواطن في قلب اهتمامات القيادة. ومع الجانب الاجتماعي، برزت تعليمات الشيخ محمد لتتناول ما يمثل ركناً مهماً في الاستدامة الاقتصادية، وهو الاهتمام بتطوير مشاركة القطاعات الخاصة والعامة في التنمية، وطرح قضية توفير فرص العمل وعدم حصرها في العمل الحكومي. فصحيح أن الدولة هي المحرك الاقتصادي الأكبر في أبوظبي، لكن كل التجارب العالمية تؤكد أن لا تنمية مستدامة من دون أركان متعددة أهمها نمو القطاع الخاص وتوفير الحوافز التي عادة ما تكون مرتبطة بالإنفاق الحكومي وتمكين الأفراد تعليمياً ومهنياً، ورفع كل ما يمكنه أن يعرقل المسيرة التنموية للبلاد. ولعل قراءة سريعة لحزمة الأوامر والتعليمات الثانية والمتعلقة بالجانب الاقتصادي، تشير إلى أي مدى تذهب القيادة في توفير الدعم والحوافز، وإلى أي مدى تسعى إلى توجيه الجهاز الإداري لتسريع العمل الحكومي وتسهيل الإجراءات وحث المسؤولين على رفع كل العقبات التي يمكن أن تعرقل العمل، مع التأكيد على تقديم التسهيلات للشركات الوطنية والوافدة للمساهمة في تعزيز قطاع الأعمال. رسائل الشيخ محمد بن زايد تقول ما يؤكد عليه دائماً: (1) المواطن أولاً وأخيراً، وكلنا نسعى لخدمته لتحقيق الحياة الكريمة له. (2) القيادة لا تتهاون في تقديم كل ما هو أفضل وبأعلى المعايير في كافة التخصصات، والتغيير للأفضل لا يرتبط بوقت أو زمان. (3) مسؤولية الوطن تقع على عاتق الجميع ويجب على كل ذي اختصاص المساهمة في تحقيق النجاح لكل مبادرات القيادة كل من مكان عمله. (4) يجب أن يشعر المواطن بمدى أهميته في هذا البلد، وأن يعكس المسؤولون هذه الأهمية من خلال إخلاصهم وتفانيهم في أداء مهام عملهم. (5) لا تهاون في أداء واجبنا. (6) كلنا شركاء في ازدهار اقتصاد البلاد، وكلنا شركاء في الانسجام الاجتماعي. أوكل الشيخ محمد بن زايد مهمة تنفيذ حزمتي القرارات الجديدة إلى اللجنة التنفيذية التابعة للمجلس التنفيذي، مما يضع مسؤولية وطنية كبيرة على عاتق المسؤولين الحكوميين ويجعلهم أمام امتحان الأداء مرة أخرى. هو امتحان ليس أمام القيادة وحسب، بل أمام المواطن الذي يعرف أن قيادته ذات إرادة من حديد، وستتأكد من أن العمل يسير وفقاً لجدول زمني بلا نهايات مفتوحة، وأن الوقت عامل لا يقل أهمية عن عامل توفير الإمكانيات والتخطيط والرؤية. نقول لأنفسنا، ولكل مسؤول ومواطن: ها هي خريطة الطريق أمامنا، وها هي التخصيصات المالية والتعليمات، وها هي القيادة ترسم الرؤية بتفاصيلها، فما علينا إلا التحرك السريع لوضع لمستنا في بلد عمّره الأجداد والآباء، وهذه ساعة مساهمتنا فيه. مهرة سعيد المهيري* ــ ــــ ـ *كاتبة إماراتية