خلال عطلة الأسبوع الماضي، كان العالم مأخوذاً بمقاطع توضح مهاجراً مالياً في باريس أثناء قيامه بإنقاذ طفل من السقوط من شرفة. ففي تصرف شجاع غير عادي، تسلق مامودو جاساما (22 عاماً) أربعة طوابق لواجهة مجمع سكني، وأمسك بالطفل المتدلي منقذاً إياه. وقد أطلقت عليه وسائل التواصل الاجتماعي لقب «سبايدر مان» (أو الرجل العنكبوت). يقول جاساما «لم أفكر في الطوابق ولم أفكر في المخاطرة». بيد أن بطولة هذا المهاجر غير الشرعي أكسبته جائزة لا تقدر بقيمة: الحصول على الجنسية الفرنسية. فقد استقبله الرئيس ايمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، وهنأه على «عمله الاستثنائي» ووفر له منصبا في خدمة الطوارئ. لكن قبل ذلك كان جاساما قد تحمل رحلة محفوفة بالمخاطر أخذته من مالي عبر ليبيا، ثم عبر البحر المتوسط وصولا إلى إيطاليا، قاطعاً آلاف الأميال مع آلاف آخرين في طريق شهد موت آلاف المهاجرين. ومنذ وصوله إلى فرنسا قبل عدة أشهر، ظل جاساما ينام على الأرض في مقر إقامة للمهاجرين في مونتروي، ولم يكن قادرا على العمل بشكل قانوني. كانا جاساما إحصاء مجهولا. والمفارقة المحزنة هي أنه حتى اللحظة التي تم تتويجه فيها بطلا، كان يُعامل على أنه شرير. وبالنسبة لأشخاص مثل جاساما، كان السبيل للعيش حياة طبيعية والحصول على وضع قانوني «محفوفاً بمصاعب هائلة، ويتعين عليهم اجتياز هذا الوضع في مناخ يتعامل مع النزعة الشعبوية المتزايدة والإسلاموفوبيا»، بحسب ما كتب إتش إيه هيلير، من المجلس الأطلسي. يعد المهاجرون مثل جاساما جزءاً من نظام عالمي يزداد تعولماً، لكنه يضع الحواجز أمام أحلامهم. وفي الوقت الذي يقضي فيه مئات المهاجرين نحبهم أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا، لا يجد معظم الأميركيين والأوروبيين أي صعوبة في الحركة! من الصعب تجاهل هذا الإجحاف الجوهري، لاسيما في وقت تتيح فيه التكنولوجيا لأي شخص فقير في مالي أو أفغانستان، رؤية الإمكانيات الموجودة في كل مكان. إيشان ثارور كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»