يرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه مفاوض عظيم وداهية بارع من الطراز الأول، لدرجة أنه يمكنه تجاهل التاريخ ورفض التعامل مع التعقيدات الجوهرية. ولهذا السبب، تفاخر بأنه سيفوز بجائزة نوبل للسلام بسبب عبقريته في حمل كوريا الشمالية على التخلي عن أسلحتها النووية، لكنها لم تفعل ذلك بالطبع. لذا ربما من الجيد أن ترامب ألغى قمته مع كيم جونج أون في سنغافورة. ويشير المحللون إلى أن «كيم قد تأهب جيداً»، بحسب «جونج باك»، الباحثة في معهد «بروكينجز»، والخبيرة في شؤون كوريا الشمالية، والتي عملت سابقاً لدى وكالة الاستخبارات المركزية ثم مديرة للمخابرات الوطنية الأميركية. ولم تتفاجأ «باك» عندما قال ترامب في اليوم التالي، بعد إلغائه للقمة، إنه ربما يتراجع ويعقدها. وقد عقد الرئيس الكوري الجنوبي «مون جاي إن» لقاء مفاجئاً في نهاية الأسبوع الماضي، وربما يعقدا اجتماعاً لاحقاً. لكن ثمة سبباً للاعتقاد بأن الرئيس الأميركي، الذي يبدو مهتماً بنسبة الفضل إليه، لم يتأهب جيداً لأية لقاءات مقبلة، وهو أمر مقلق، لكن ترامب وأنصاره يدّعون أن قسوته أخافت كيم واضطرته للنظر في مسألة المفاوضات، وإن الرئيس أظهر حزمه وجرأته في التخلي عن القمة. لكن المرجح بدرجة أكبر أن هذه كانت خطة كيم طويلة الأمد، منذ سنوات، مثلما أكد «روبرت كارلين»، وهو دبلوماسي سابق ومسؤول في المخابرات سافر إلى كوريا الشمالية عشرات المرات. فكيم بنى ترسانته النووية، متجاهلاً تهديدات ترامب وغيره، ومنح نفسه قدرة كافية على بدء التراجع قليلاً. ويفترض أنه فكك أحد مواقع التجارب النووية لديه الأسبوع الماضي. ومن دون شك، فقد ضغطت العقوبات الاقتصادية على الوضع الاقتصادي لبيونج يانج، لكن الأهم من «نار وغضب» ترامب هو أن الإدارة الجديدة في كوريا الجنوبية راغبة في التعامل مع جارتها العدو منذ سبعة عقود، فأية حرب في شبه الجزيرة ربما تطيح كيم، لكن الثمن سيكون كارثياً. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»