الاتفاق النووي الإيراني.. خيارات ترامب «وتفضيلات» الحلفاء «نيويورك تايمز» في مقاله المنشور بـ«نيويورك تايمز» يوم الأحد الماضي، وتحت عنوان «لا تحبطوا الاتفاق النووي»، استبق وزير الخارجية البريطاني «بوريس جونسون» قرار انسحاب الرئيس الأميركي من الاتفاق النووي أمس الذي تم إبرامه مع إيران عام 2015، ووضع سقفاً زمنياً مداه 12 مايو الجاري كآخر موعد للبت في الاتفاق. ومن بين كل الخيارات التي نمتلكها للتأكد من أن إيران لن تحصل على سلاح نووي، يظل هذا الاتفاق الأقل ضرراً. صحيح أنه يحتوي على عيوب. لكن لدى «جونسون» قناعة بإمكانية علاجها. وتعمل بريطانيا في هذه الأثناء مع إدارة ترامب وحلفاء لندن من الفرنسيين والألمان، لضمان علاج هذه العيوب. ويقول «جونسون»: لا ننسى كيف أن الاتفاق ساعد على تفادي كارثة محتملة. وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2012، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على صواب عندما حذر من مخاطر إيران «المسلحة نووياً».. آنذاك - والكلام لجونسون- كان لدى المفاعلات النووية الإيرانية 11500 وحدة طرد مركزي، وقرابة 7 أطنان من اليورانيوم منخفض التخصيب، وربما يزيد عدد أجهزة الطرد المركزي إلى 20 ألف وحدة، وكمية اليورانيوم قد تصل إلى 8 أطنان. وإذا قرر قادة إيران السعي لحيازة سلاح نووي، فإنهم يحتاجون شهوراً قليلة فقط لإنتاج اليورانيوم الكافي لتصنيع أول قنبلة نووية إيرانية. الموقف كان يزداد خطورة، شهراً تلو الآخر، لأن إيران استخدمت المزيد من وحدات الطرد المركزي وزادت مخزونها من اليورانيوم. لكن بموجب الاتفاق، قامت إيران بتخزين ثلثي ما لديها من أجهزة الطرد المركزي، وتخلت عن 95 % من مخزونات اليورانيوم التي بحوزتها، كما تم منح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المزيد من الصلاحيات لمراقبة المنشآت النووية الإيرانية، ما يزيد من احتمال رصدهم أية محاولة تقدم عليها طهران لتصنيع سلاح نووي. ويرى «جونسون» أنه طالما أن هذه الأصفاد والقيود الواردة ضمن الاتفاق موجودة، فليس هناك ميزة أو فائدة من تنحيتها جانباً. ولدى وزير الخارجية البريطاني قناعة بأن إيران وحدها هي التي ستستفيد من التخلي عن القيود التي يتضمنها الاتفاق النووي. وفي هذه الحالة من الأفضل حماية الاتفاق من خلال إجراءات صارمة، وعلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التأكد من إذعان طهران للاتفاق، وفي الوقت نفسه ينبغي العمل على التصدي لسلوك إيران العدواني في المنطقة. «واشنطن بوست» خصصت «أماندا إريكسون» تقريرها المنشور، في «واشنطن بوست» أول أمس، لرصد سيناريوهات التعامل مع الاتفاق النووي الإيراني، الكاتب استبقت انسحاب ترامب من الاتفاق، الذي كانت إيران قد وقعت عليه عام 2015 مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا، وبمقتضاه تم رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران مقابل تخليها عن قدرتها على إنتاج اليورانيوم المخصب الذي قد يستخدم في إنتاج سلاح نووي. ترامب لديه موقف معروف من الاتفاق، فهو يرفضه، ويعتبره «غير معقول» وأحد أسوأ الاتفاقيات التي وقعت عليها الولايات المتحدة، وخلال حملته الانتخابية دعا لتمزيق الاتفاق فوراً. وخلال الشهور القليلة الماضية، بدا كما لو أن ترامب لديه مصلحة في اتخاذ موقف متشدد، حيث استبدل عدداً من مستشاريه المعتدلين في مجال السياسة الخارجية واستبدلهم بمعارضين للاتفاق النووي مثل وزير الخارجية الجديد «مايك بومبيو» وجون بولتون مستشار ترامب لشؤون الأمن القومي. وتلفت الكاتبة الانتباه إلى أن ترامب أمضى بعض الوقت في مشاورات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو، أحد أشد المعارضين للاتفاق النووي الإيراني. وهذا كله جعل الخبراء يتوقعون أن ترامب ربما يبدأ اتخاذ خطوات لـ«تفكيك الاتفاق». وفي معرض التوقعات، هناك من يرى أن ترامب سيجدد فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني، وربما فرض عقوبات على نخبة مهمة من رجال أعمال الإيرانيين ومؤسسات إيرانية، ولدى الرئيس الفرنسي قناعة بأن ماكرون سيلغي الاتفاق لأسباب داخلية خاصة به. ووفق هذه التنبؤات تأثرت أسواق الطاقة وبدأت تستعد للأسوأ. وتسرد الكاتبة احتمالات أولها، أن ترامب سيقرر عدم تجديد العمل بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران وأن يعلن التزام الولايات المتحدة بالاتفاق النووي المبرم مع إيران. فرصة حدوث هذا السيناريو تقترب من الصفر، لأن ترامب غير مقتنع بأن إيران ملتزمة بالاتفاق. الاحتمال الثاني أن ترامب سيجدد رفع العقوبات خلال 90 يوماً، ما لم تقدم إيران تنازلات كبرى، وبذلك سيعطي فرصة لبقية الدول التي وقعت على الاتفاق تجري تعديلات على الاتفاق، فترامب يرفض الاتفاق لأن لديه مدة صلاحية محددة، وفي الوقت نفسه لا يتضمن حظراً يمنع إيران من اختبار صواريخ باليستية عابرة للقارات، ويريد ترامب أن تتوقف طهران عن دعمها جماعات مثل «حزب الله» والتنظيمات المتمردة في سوريا واليمن. والأوروبيون يرون أنه بالإمكان علاج هذه الأمور، لكن من الصعب أن نعرف الطريقة. علماً أن إيران قالت إنها لن تعيد التفاوض على اتفاق 2015، ودعم طهران لـ«حزب الله» موضوع يندرج خارج نطاق الاتفاق. هذا السيناريو قد يمنح فرصة لإعادة التفاوض، لكن من غير المحتمل أن يسفر ذلك عن تغيرات مهمة، ولن تكون أمام إيران، في ظل تطبيق إجراءات صارمة، سوى محفزات قليلة للعودة إلى طاولة المفاوضات. الاحتمال الثالث: إلغاء الاتفاق وإعادة فرض العقوبات وإعلان الولايات المتحدة عن معاقبة من ينتهكها.. وفي هذه الحالة سيكون أمام الشركات والدول مهلة 180 يوماً للامتناع عن شراء النفط الإيراني، ومن لا يفعل ذلك سيتعرض لعقوبات أميركية. ويرى بعض المتفائلين أن هذا السيناريو سيجعل إيران تعود لطاولة التفاوض. لكن هذا غير محتمل، علماً أن دولاً مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا مستمرة في العمل بالاتفاق، غير أن سفير إيران في بريطانيا صرّح بأن انسحاب واشنطن يعني أنه لم يعد هناك اتفاق. وربما تنتهز روسيا الفرصة وتجري اتفاقاً خاصاً بها مع إيران كي تُضعف الموقف الأميركي. وتشير الكاتبة إلى أن ترامب يستطيع حال إلغاء الاتفاق تجديد العقوبات، بحيث لا تشمل فقط البنك المركزي الإيراني، بل 400 شخصية ومؤسسة إيرانية. «كريستيان ساينس مونيتور» في افتتاحيتها أمس، وتحت عنوان «دعوا الإيرانيين يقررون مستقبل نظامهم»، أشارت «كريستيان ساينس مونيتور» إلى أن ترامب بحاجة إلى أن يتحلى بالصبر، وألا يهدد باستخدام العقوبات ضد النظام الثيوقراطي في إيران، فهذا الأخير يعتبر العقوبات ألد أعدائه، لكنه يواجه تظاهرات وإضرابات. وطوال الشهور الستة الماضية تشهد إيران احتجاجات بسبب معاناة الفلاحين من تداعيات الجفاف ومن النساء اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب، ومن الأقليات غير الفارسية، إضافة إلى احتجاجات تجار «البازار». البطالة في إيران وصلت- حسب الصحيفة- معدلات غير مسبوقة، وكثير من البنوك أفلست، وفقدت العملة الإيرانية أكثر من ثلث قيمتها، ما جعل السلطات الإيرانية تلقي القبض على من يشترون الدولار واليورو من السوق السوداء. وفرض النظام حظراً على تطبيق «تيلجرام» الذي يستخدمه نصف الشعب الإيراني البالغ عدده 80 مليون نسمة. ولا ينبغي الاستخفاف بشغف الإيرانيين ورغبتهم في استرداد حرياتهم الفردية، على سبيل المثال، يضطر المعارضون كتابة موقفهم من خلاله الكتابة على الأوراق النقدية، خاصة عبارة «عدونا هنا وهم يقولون إن عدونا أميركا»، وهناك مقطع فيديو يحظى بشعبية لدى الإيرانيين، ويظهر فيه مشجعو كرة القدم يهتفون باسم «الشاه» الذي أطيح به من الحكم عام 1979. صحيح أن العقوبات الهدف منها احتواء النظام الإيراني، لكن النظام مستلب بالفعل من خلال أخطائه وما يتكبده من كلفة باهظة جراء دعمه لـ«حزب الله» و«حماس» والجيش السوري.