ثلاثة تحديات دائمة.. وS-300 تكرار لـ«حائط الصواريخ» السوفييتي «يديعوت أحرونوت» تحت عنوان «ثلاثة تحديات دائمة ينبغي علينا التغلب عليها»، كتب العميد المتقاعد «شيمويل تذكير» مقالاً في «يديعوت أحرونوت» يوم الأربعاء الماضي، استنتج خلاله أنه بعد الاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس إسرائيل، ثمة تحديات ينبغي علينا مواجهتها في الداخل، بعضها قديم، وبعضها جديد، وجميعها تتطلب قيادة لديها الجاهزية اللازمة للتغلب عليها. ويطرح الكاتب، وهو النائب السابق لوحدة الإنتاج والمشتريات في وزارة الدفاع الإسرائيلية، تساؤلاً مؤداه: هل أن إسرائيل في 2018 تنسجم مع الرؤية الأساسية التي تبناها الآباء المؤسسون في الحركة الصهيونية؟. الإجابة، حسب الكاتب تتطلب قراءة الواقع الإسرائيلي بعدسة الظروف العسكرية والاقتصادية والاجتماعية، كي نستطيع الحكم بما إذا كانت إسرائيل هي المكان الذي يتمنى اليهود من أرجاء الأرض كافة العيش فيه، وفق دعوة الحركة الصهيونية. وعلى الصعيد الأمني، يقول الكاتب: «إن هناك مستويين لتحليل البعد الأمني، أولهما أن إسرائيل الآن قوة عظمى إقليمية لديها قدرات نادرة، فالجيش الإسرائيلي يمتلك القوة والتقنية والقدرات السيبرانية التي تجعل دولاً أخرى تأتي إلى إسرائيل كي تتعلم من خبراتها في المجال الأمني والعسكري. وضمن هذا الإطار لدى إسرائيل ما يجعلها راضية عن قدراتها، ثانيهما أن الأمر ليس بهذه السهولة، ذلك لأنه برغم قوة إسرائيل العسكرية، فإنها لا تزال تواجه تهديد الدخول في حرب أو التعرض لهجمات من أعدائها، ولماذا تتعرض الدولة العبرية لتهديدات جديدة تجعل الإسرائيليين قلقين من الدخول في نزاعات». وعلى سبيل المثال نجد أن إيران البعيدة جغرافياً عن إسرائيل تقترب الآن من حدود الدولة العبرية لتصبح مصدر تهديد مادي لتل أبيب، التهديد بالحروب بدأ مع إنشاء إسرائيل ولا يزال مستمراً إلى اليوم. فهل بمقدور الإسرائيليين ردع أعدائهم؟ الإجابة لا. والسؤال الذي يطرحه الكاتب هو: هل يتعين على أبنائنا العيش في ظل خوف يومي من الحرب مثلنا؟ في الحقيقة كثير من الإسرائيليين لا يريدون هذا، ويأملون في حسم مشكلة الخوف الدائم من تهديد الحرب. وعن المعايير الاقتصادية والاجتماعية، وهي التحدي الثاني، يرى الكاتب أن إسرائيل حققت معجزة اقتصادية، فلديها ناتج محلي إجمالي قوي ومستويات معيشة عالية تضاهي نظيراتها في أوروبا ودول أميركا الشمالية، بل إن إسرائيل أكثر تقدماً مقارنة بدول جنوب أوروبا. لكن من الناحية الاجتماعية تشهد إسرائيل انقسامات غير مسبوقة، والقيادة الحالية تتسبب في تعميق هذه الانقسامات، ما يهدد التماسك الوطني، ويشكو الكاتب من هجوم الأحزاب المنضوية في الائتلاف الحاكم على القضاء والشرطة، وغيرها من المؤسسات التي يفترض أنها تحمي الديمقراطية. والتوترات السياسية تعيد إلى الواجهة استقطابات قديمة بين «السفارديم» و«الأشكناز». وهناك انقسام بين مجتمع المستوطنين وبقية المجتمع الإسرائيلي، ما يتطلب تعزيز العدالة الاجتماعية. ويلفت الكاتب إلى التحدي الثالث تراجع موجات الهجرة الكبيرة إلى إسرائيل، والتي أصبحت جزءاً من الماضي، وبلغة الأرقام هاجر إلى إسرائيل خلال الفترة من 1991 إلى 2001 ما يزيد على مليون مهاجر، لكن خلال الفترة من 2011 إلى 2015 استقبلت إسرائيل 102 ألف يهودي مهاجر فقط. «جيروزاليم بوست» في مقاله المنشور بـ«جيروزاليم بوست» الأربعاء الماضي، وتحت عنوان «الاستقرار في قطاع الطاقة سيعزز الاقتصاد الإسرائيلي»، رأى «شيمويل فليديل» أن تحقيق التكامل بين التقنيات المبتكرة في مجال الطاقة والاكتشافات الحديثة للغاز الطبيعي بالسواحل الإسرائيلية ستجعل أسعار الطاقة أرخص مما هي عليه الآن، ما سيؤدي إلى تعزيز قوة إسرائيل اقتصادياً وسياسياً. الكاتب، وهو المدير التنفيذي لشركة «سيمنز إسرائيل»، لديه قناعة بأهمية وجود قطاع للكهرباء مستقل ومستقر وقوي، ويعتبره مهماً في الدولة العبرية، ويؤثر بشكل واضح على اقتصادها. وبسبب الواقع الجيوسياسي، وفي ظل المخاطر الأمنية المتنامية، لا تستطيع إسرائيل الاستعانة بجيرانها في الحصول على الكهرباء، ما يعني التعايش مع هذا التحدي المتمثل في وجود قطاع كهرباء من دون موارد بديلة. الآن 70 في المئة من الطاقة الكهربائية في إسرائيل يتم إنتاجها من خلال الغاز الطبيعي، والاكتشافات الغازية الجديدة في المياه الإسرائيلية، جعلت الحكومة تزيد من إنتاج الطاقة الكهربائية المستمدة من حرق الغاز الطبيعي، ما يقلل في الوقت ذاته من الاعتماد على استيراد النفط. من جانبها، تشجع وزارة الطاقة والموارد المائية تخفيض إنتاج الكهرباء من المحطات التي تعمل بالفحم، بحيث يكون الاعتماد عليها فقط بديلاً للطاقة في حالات الطوارئ. ويشير الكاتب إلى أن إسرائيل بحاجة إلى تطوير محطات لإنتاج الكهرباء، تكون بديلة لمحطات الفحم، وهذا يتطلب إصلاحات في «شركة كهرباء إسرائيل»، بحيث يتم التغلب على حالة عدم التأكد تجاه من سيقوم بتطوير هذه المحطات، سواء كانت شركات خاصة أم «شركة كهرباء إسرائيل». «هآرتس» في مقاله المنشور بـ«هآرتس» أول من أمس، وتحت عنوان «مغامرة بوتين في سوريا قد تسفر عن إفصاح إسرائيل عن تفوقها العسكري»، استنتج «موشي آرينز» أنه للمرة الأولى منذ بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا يجد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. هذه الخلاصة سببها أن إسرائيل لطالما أخبرت بوتين بمعارضتها تزويد «حزب الله» بالسلاح من خلال سوريا، وأن تل أبيب مصرة على منع القوات الإيرانية من الاقتراب من الحدود الإسرائيلية، كما أن هناك اتفاقيات عديدة أبرمت بين روسيا وإسرائيل لضمان تفادي أي نزاع ينشب بين الطائرات الإسرائيلية والروسية في الأجواء السورية. المشكلة الآن تكمن في قيام بوتين بطرح فكرة تزويد بشار الأسد بنظام الصواريخ الدفاعية الروسي من طراز S-300، الذي سيجعل الأسد قادراً على استهداف الطائرات الإسرائيلية التي تشن هجمات على أهداف داخل سوريا، ما قد ينذر بوقوع مواجهة مباشرة بين روسيا وإسرائيل. الكاتب استرجع الموقف السوفييتي في حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل، حيث زودت موسكو الجيش المصري بما عرف آنذاك بـ«حائط الصواريخ» أرض جو عام 1970 ما حيّد القوات الجوية الإسرائيلية أثناء حرب أكتوبر 1973، ويأمل الكاتب ألا يكون لصواريخ S-300 الروسية التأثير نفسه لحائط الصواريخ السوفييتي الذي استخدمته مصر ضد الطائرات الإسرائيلية في سبعينيات القرن الماضي. إعداد: طه حسيب