يوم الجمعة، الرابع من مايو 2018، ?يحتشد ?الشعب ?الفلسطيني ?في «?جمعة ?عمال ?فلسطين ?الصامدين ?في ?وجه ?الحصار»?. ?وبذلك، ?تكون «?مسيرات ?العودة» ?المستمرة، ?منذ ?انطلاقها ?من ?قطاع ?غزة ?في ?30 ?مارس ?الماضي، ?قد ?أربكت ?الدولة ?الصهيونية ?وأظهرت ?تخبطها ?في ?مواجهة ?المسيرات ?السلمية، ?ورسخت ?نجاعة ?النضال ?الشعبي ?في ?مواجهة ?آلة ?الاحتلال ?العسكري. ?فالأخير، ?جرب ?مع ?المسيرات ?حتى ?اليوم ?مجموعة ?إجراءات ?في ?سبيل ?وقفها، ?إلا ?أنها ?كلها ?لم ?تنجح. ?ورغم ?التصريحات ?النارية ?والفاشية ?من ?قبل ?أعضاء ?حكومة ?اليمين ?المتطرف ?وقيادات ?الجيش، ?إلا ?أن ?كل ?الإجراءات ?لم ?تثبت ?فعالية ?أي ?منها ?في ?الحد ?من ?تزايد ?أعداد ?الآلاف ?المشاركة ?في ?الفعاليات ?على ?الحدود ?مع ?القطاع ?تحديداً، ?وفي ?عدة ?مناطق بالضفة. إجراءات جيش الاحتلال في مواجهة مسيرات العودة تنوعت من أسبوع إلى آخر، لكن أبرزها يمكن رصده على النحو التالي: أولا: لجأت قوات الاحتلال لوضع أسلاك شائكة وقامت بأعمال تجريف وتمشيط وأقامت «سواتر ترابية» أمام «مخيمات العودة الخمسة» المحددة في عدة مناطق على حدود قطاع غزة والتي تشهد مواجهات، خاصة في أيام الجمع المتتابعة، في مسعى لوقف عمليات وصول المتظاهرين إلى السياج الفاصل، وخشية اجتيازه يوم «الزحف» المقرر في ذكرى «النكبة». بالمقابل، واصل جيش الاحتلال تعزيزاته الإضافية على طول الحدود، مقيماً حواجز الأسلاك والسواتر الإضافية في مناطق داخل أراضي القطاع، بهدف إبعاد الجماهير عن السياج الفاصل. ثانياً: مع تواصل مشاركة الآلاف في المسيرات، وإطلاق شباب فلسطين طائرات ورقية محترقة وبالونات حارقة تجاه الأحراش الإسرائيلية القريبة من الحدود واندلاع النيران فيها، زاد الجيش من «الإعدامات الميدانية» وعمليات القنص والقتل العمد، بتعليمات مباشرة من حكومة اليمين المتطرف. إلا أنه، ورغم تهديداته المتصاعدة بفتح النار وقتل كل من يقترب من الحدود، جاء رد الجيش على مسيرة العودة الثانية أقل دموية، ليتناغم مع مفاعيل الاحتجاجات الدولية. لذلك، استخدم، إلى جانب النيران والمدافع المائية، مروحيات هوائية ضخمة لتبديد الدخان والمياه العادمة، إضافة إلى «إطلاق النار بموجب تعليمات إطلاق النار» لتفريق المتظاهرين. وفي نطاق حرب نفسية، ألقى الجيش منشورات تحذيرية قرب السياج المحيط بقطاع غزة تشير إلى أن حياتهم في خطر، وتطالب الفلسطينيين بالابتعاد عن قادة «المسيرات»، مهدداً باستخدام كافة أنواع الأسلحة لمنع الوصول للسياج الحدودي. ثالثاً: ومع تقريب الفلسطينيين نقاط انطلاقهم نحو جدار الفصل وإقامة خيام على مسافة 100 و?200 ?متر ?عن ?الحدود، ?وبعد ?إعلان ?الاحتلال ?بعض ?المناطق ?في ?غلاف ?قطاع ?غزة ?مناطق ?عسكرية ?مغلقة، ?لجأ ?الجيش ?لاستهداف ?الصحفيين ?لطمس ?جرائمه ?رغم ?كونهم ?في ?مناطق ?واضحة ?للجيش ?ويستطيع ?التمييز ?بأنهم ?يقومون ?بأعمالهم ?المهنية. ?وبالتزامن ?مع ?تخفيف ?حدة ?إطلاق ?النار، ?أحكم ?الجيش ?الخناق ?على ?قطاع ?غزة ?لردع ?سكانه ?عن ?المشاركة ?في ?المسيرات ?التي ?باتت ?تستنزف ?الدولة ?الصهيونية ?وتحرجها. ?بل ?تفاقم ?الحصار ?حد ?منع ?مداواة ?جرحى «?المسيرات» ?خارج ?القطاع ?المحاصر. رابعاً: مع الإبقاء على زخم المسيرات، لجأت قوات الاحتلال إلى تقليص عدد الضحايا الفلسطينيين، لكن مع إيذاء الجرحى على نحو دائم من خلال قنص أرجل المتظاهرين برصاص خاص باعتباره أفضل حل لوقف المسيرات. وفي السياق، فإن من أوضح الإدانات تصريح رئيسة بعثة منظمة «أطباء بلا حدود» في الأراضي الفلسطينية، «ماري إليزابيث انغر»، بأن «ما هو غير عادي هو أن الجروح كبيرة جداً، والعظام تتفتت إلى أجزاء عدة». ويقول الكاتب الإسرائيلي «ب. ميخائيل»: «في الأسابيع الأخيرة أطلق عشرات القناصة المسلحين والذين يلبسون الستر الواقية، النارَ على أناس لم يهدد أحد منهم حياة أي جندي. مكان دخول الرصاصة صغير جداً، أما مكان خروجها فهو كبير جداً. أوعية دموية مدمرة ولحم بشري مطحون وعظام مهشمة، وكأنه كان هناك وحش مفترس. هذه الرصاصة من نوع هولوبوينت (رأس مجوف) المحرم دولياً، واستخدامه يمثل جريمة حرب منذ مئة عام حسب ميثاق هاج وقانون محكمة الجنايات الدولية والصليب الأحمر الدولي». خامساً: مع تقدم الاتحاد الأوروبي لحركة «حماس» باقتراح مغرٍ: نصف مليار يورو لإعمار شبكات الكهرباء والمياه في غزة، بدأ الجيش الإسرائيلي الضرب في أعماق القطاع من قصف للمرافق البحرية التابعة للحركة، وقصف متزايد لمواقعها في عمق غزة باعتباره رسالة بأن الاستمرار في المسيرات سيكون ثمنه التصعيد، فيما هدد وزير الاستخبارات والمواصلات (يسرائيل كاتس): «يجب أن تعرف حماس أن أي هجوم على قادة الجيش الإسرائيلي على حدود غزة سيؤدي فوراً إلى تجديد عمليات القتل المستهدفة لقيادتها». كذلك، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول عسكري في الجيش قوله: «المشاركة المتزايدة للفلسطينيين هي التي دفعت الجيش إلى تبني هذه السياسة كرسالة بأن أي اقتراب من السياج في ذكرى النكبة وأولى الجُمع في شهر رمضان، سيكون في عمق غزة». ومع مواصلة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بحثها عن كل وسيلة لوقف مسيرات العودة خوفاً من جرها لحرب تستنزف طاقاتها وتنهك وتدين جيشها الذي يواجه شعباً أعزل، نصح (اليكس فيشمان) حكومة إسرائيل وجيشها قائلا: «في ذكرى النكبة، ستظهر إسرائيل بصورة من يذبح سكان غزة المجوعين وستدفع الثمن أضعافاً مضاعفة. إذا كانت هذه هي الصورة في يوم النكبة، فهناك احتمال عال بأن تشتعل الضفة أيضاً. وكي لا نصل إلى هذه النقطة، على الجيش أن يغير القرص»!