يتحدث كثيرون في أجهزة الإعلام عن أن الإمارات، ومن خلال شخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله ورعاه، تؤثر كثيراً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً في محيطها العربي، وفي البيئة السياسية العالمية ومسارات العلاقات الدولية القائمة في عالم اليوم. ولا شك بأن هذا أمر سار ومفرح لنا نحن مواطني الإمارات الذين نكن كل حب وتقدير واحترام لشخصية محمد بن زايد الفذة ونثق في قدراته السياسية ومواهبه القيادية التي تعبر عن نفسها بصور إيجابية، تجعلنا فخورين به وبما يتحقق على يديه كل يوم من إنجازات مبهرة قلما تواجد لها مثيل في عالم اليوم. الأنباء التي ترد من مشارق الأرض ومغاربها تشير إلى إعجاب العديد من القادة بالتجربة التنموية والنهضة التي دشنتها الإمارات منذ قيامها، وهي مستمرة حتى يومنا هذا، بل وانبهارهم الشديد بما يحدث على أرضها من تقدم سريع على كافة الأصعدة. وهذا لم ينشأ من فراغ، بل من خلال استقراء متأنٍ للواقع والتاريخ الإماراتي منذ القرون الوسطى، وبالتحديد منذ عام 1500 للميلاد وما بعده إلى اليوم الذي قامت فيه الدولة الاتحادية. خلال تلك الفترة التي تصل إلى 450 عاماً شهدت الأرض التي تتواجد عليها دولة الإمارات الحالية والإنسان الذي يعيش عليها جموداً وتراجعاً على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية، وأصبحت الحياة فيها راكدة. ومن تلك القراءة أدركت القيادة الرشيدة في الإمارات ضرورة تعزيز القدرة على التفكير الصحيح في الطرق والوسائل التي يدخل من خلالها أبناء هذا البلد إلى حقول جديدة من العلم والمعرفة والاكتشافات والابتكار، لذلك فقد رأت أنه إذا أُريد لهذا الوطن أن ينمو ولهذه الأرض أن تزدهر ولهذا الشعب أن يرتقي، فلا بد من تركيز التنمية على الإنسان في كل شيء. لقد أدرك الجميع على هذه الأرض المباركة وعلى رأسهم مؤسس هذه الدولة وبانيها وقائد نهضتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، بأن الجمود الروحي والثقافي والفكري الذي يسود المشهد ويشل روح الإنسان منذ نهاية العصر الذهبي لأمة العرب ما قبل العصور الوسطى يجب أن يزول مرة واحدة وإلى الأبد، فشرع في عمليات التنمية الشاملة المستدامة التي هزت كل ما كان قائماً قبل تأسيس الدولة الاتحادية. انبهار العالم بما تحققه الإمارات هو دافع معنوي لها لكي تستمر في مسيرتها المباركة وتقدمها ورقيها، وهي الأمور التي تعبر عن نفسها في بحث مستمر عن أنماط جديدة من التنظيم والابتكار لكي تحل بديلاً عن النظم القديمة القائمة على أفكار بالية عفى عنها الدهر وتركها وراءه. وفي خضم كل ذلك وإذا كان علينا أن ندلي بدلونا ونقترح إسهاماً في مسيرة الخير نقول بأن من الواجب إيلاء المزيد من الاهتمام بالعمليات الإدارية الشاملة التي تتضمن التخطيط السليم وما يتطلبه من معرفة بالبيئة الاجتماعية والسياسية المحيطة، والتنظيم، وتنفيذ ما يتم التخطيط له سلفاً بدقة متناهية، ومن ثم الرقابة المسؤولة وإعادة التخطيط. ما يدفعنا إلى مثل هذا المقترح هو إدراك أهمية الإدارة السليمة في بيئة دولية تنافسية لدولة الإمارات باع طويل فيها في هذه المرحلة، فإذا تمعّنّا في البيئة الدولية التي نعيش في وسطها سنجد كماً هائلاً من التحديات التي علينا مواجهتها، والعديد من الأهداف التي علينا تحقيقها في ظل بيئة دولية معقدة ومتباينة، فضلاً عن التطورات والمخططات الاستراتيجية المتسارعة التي يموج بها الخليج العربي والعالم العربي والعالم أجمع، التي تتجه بوصلتها نحو التحديات التي تواجهنا، فنحن نعيش في زمن أصبح فيه التفوق لمن يمتلك الإمكانيات والمزايا وملكَة التطوير والابتكار والقدرة على التنافس، وهي تحديات تصعب مواجهتها دون وجود إدارة صائبة وتخطيط سليم، ودولة الإمارات تمتلكهما وقادرة على تسخيرهما لتحقيق مصالحها العليا، فلله درك يا وطني وبارك لك في قيادتك وشعبك. د. عبدالله جمعة الحاج* *كاتب إماراتي