عندما نتابع الأخبار حول المظاهرات السلمية التي قام بها اللاجئون الفلسطينيون يوم الجمعة الماضي، نجد المعطيات التالية على الجانبين الفلسطيني الإسرائيلي، ولنبدأ بالمعطيات على الجانب الفلسطيني. أولاً: إن هذه المظاهرات قد شملت عشرات الآلاف من اللاجئين الذين طردوا من ديارهم عام 1948 مع أبنائهم وأحفادهم، وضمت أسراً بكامل أعضائها من عجزة وشباب وأطفال ونساء جاؤوا للتظاهر السلمي على مسافة من السياج الحدودي الفاصل بين القطاع وإسرائيل، وذلك بهدف واحد وهو الإعلان السلمي عن أنهم أصحاب حق سلبته منهم إسرائيل عندما شردتهم من أراضيهم وحرمتهم من ممتلكاتهم منذ سبعين عاماً. ثانياً: إن الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة الكبرى التي نظمت هذه المظاهرة مكونة من شخصيات فلسطينية عامة ومن جميع فصائل الكفاح الفلسطيني، وليس من حركة «حماس» وحدها، وبالتالي فهي ليست هيئة حزبية أو فصائلية، بدليل غياب أي رايات للفصائل عن المظاهرات. ثالثاً: إن هذه الهيئة قررت أن تكون المظاهرات سلمية بالكامل لتقديم نموذج سلمي جديد للنضال الفلسطيني بعيداً عن المقاومة المسلحة، وقررت أن يلتزم المتظاهرون بالتواجد على مسافة بعيدة من السياج الحدودي وعدم محاولة تجاوزه حتى لا تجد إسرائيل ذريعة لاستخدام العنف المسلح ضدهم. رابعاً: إن اللجنة قررت أن تقوم مظاهرات العودة من كل الأماكن التي يتجمع فيها اللاجئون في سوريا ولبنان والضفة الغربية وغزة. خامساً: قررت اللجنة أن تتكرر هذه المظاهرات كل يوم جمعة لحين الوصول إلى تاريخ النكبة، أي منتصف شهر مايو، والذي قامت فيه دولة إسرائيل وقامت بتشريد 700 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم، كما قررت أن يكون هذا التاريخ هو تاريخ السماح للمتظاهرين بتجاوز السياج الحدودي في محاولة للعودة وتحدي القوات الإسرائيلية. سادساً: لقد كانت مظاهرات غزة هي الأبرز والأشد درامية، وذلك لمنع الجيش اللبناني المتظاهرين الفلسطينيين من الاقتراب من الحدود، ولشدة القيود الإسرائيلية المفروضة على الضفة الغربية، وبسبب الظروف المضطربة على الحدود السورية. أما على الجانب الإسرائيلي فنلاحظ ما يلي: أولاً: إن السلطات الإسرائيلية أعلنت أنها منحت جنودها حق إطلاق الرصاص الحي على أي فلسطيني يقترب من خط الحدود ثانياً: إن هذه السلطات أعدت فِرقاً من القناصة ليعتلوا الساتر الترابي القائم على الحدود مع قطاع غزة، وحاولت إفشال المظاهرات وذلك بالاتصال الهاتفي مع سائقي الباصات التي يمكن أن تقل المتظاهرين من دورهم إلى منطقة التظاهر. ثالثاً: إن هذه السلطات قامت بإطلاق طائرات من دون طيار فوق المتظاهرين لتلقي عليهم الغاز المسيل للدموع لتفرق التجمعات. رابعاً: إن القناصين الإسرائيليين قاموا بإطلاق الرصاص الحي بكثافة على المتظاهرين رغم وجودهم على مسافة بعيدة من خط الحدود، فأصابوا عدداً ضخماً تجاوز 1200 فلسطيني وقتلوا 16 آخرين، ثم توفي عدد من الجرحى متأثرين بجراحهم. خامساً: ادعت السلطات الإسرائيلية أنها لم تطلق النار على المتظاهرين السلميين، بل أطلقتها على (إرهابيين) وهو المصطلح الإسرائيلي الدال على الفصائل الفلسطينية المسلحة. وهنا نطرح سؤالنا على الجانب الإسرائيلي، وهو لماذا تتعامل السلطات الإسرائيلية مع اللاجئين الذين طردتهم من أراضيهم عام 1948 بهذه الدرجة من القسوة، لمجرد قيامهم بمظاهرة سلمية على مسافة بعيدة من خط «الحدود»، رغم علمها بأنهم مجموعة من الأسر والعائلات المسالمة من أصحاب الحق؟ أما السؤال الموجه لحركة «حماس»، فهو: لماذا تعلن أن خمسة من القتلى في المظاهرة السلمية هم من عناصرها المقاتلة؟