لقد كان المشككون في استمرار معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، التي وقعت يوم 26 مارس 1979، موجودين على الجانبين العربي والإسرائيلي وكان المنطق المشترك بين هذين الفريقين من المشككين هو أن ميراث العداوة والكراهية العميق بين الدولتين سيثير كماً من المشاكل الكفيلة بتفجير المعاهدة. على الجانب الإسرائيلي كان هناك من يؤكد أن أي تغيير في أشخاص نظام الحكم في مصر سيحمل معه احتمال إعادة النظر في المعاهدة وربما إلغاءها. لقد أدت حادثة اغتيال الرئيس السادات عام 1981 بعد سنتين فقط من توقيع الاتفاقية، إلى تعزيز هذا النوع من المخاوف خصوصا مع تزايد التحليلات الإسرائيلية التي ربطت بين دوافع عملية الاغتيال وبين توقيع السادات على المعاهدة، غير أن إعلان الرئيس المصري الجديد محمد حسني مبارك عن تمسك مصر بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي وقع عليها الرئيس الراحل هدّأ من المخاوف الإسرائيلية. لقد تجددت المخاوف الإسرائيلية من احتمال إلغاء مصر للمعاهدة مع تنحي الرئيس مبارك عام 2011، غير أن المجلس العسكري الذي تولى الحكم برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي بادر إلى الإعلان عن تمسك مصر بتنفيذ ما سبق ووقعت عليه من اتفاقات. وفي أعقاب صعود رئيس من جماعة «الإخوان» زادت موجة المخاوف الإسرائيلية غير أن موجة غزيرة من التطمينات الإخوانية العلنية انطلقت على ألسنة المتحدثين باسم الجماعة لتؤكد تمسكهم بمعاهدة السلام بل وصحبها بدعوة لم يتجاسر عليها أي مسؤول مصري من قبل وهي دعوة القيادي الإخواني عصام العريان إلى إعادة ممتلكات اليهود الذين غادروا مصر في عهد الملك فاروق وفي عهد جمال عبد الناصر إليهم بل والترحيب بعودتهم إلى مصر. لقد أثارت هذه الدعوة سيلا من التحليلات الإسرائيلية المعبرة عن الارتياح والترحيب بدعوة العريان من ناحية، في حين إنها أثارت موجة من الرفض والاستنكار لدى كثير من الكتاب في مصر. وفي الوقت ذاته تكاثرت الكتابات الإسرائيلية والمصرية التي تنسب إلى حكم «الإخوان» في مصر الموافقة على التنازل عن جزء من أرض سيناء لإقامة الدولة الفلسطينية بدلا من الأراضي التي ستقتطعها إسرائيل من أراضي الضفة الغربية المحتلة في إطار عملية التسوية الشاملة. لقد أدى هذا إلى إعادة التفكير من جانب بعض المحللين حول الدوافع الحقيقية التي أدت بتيار الإسلام السياسي إلى اغتيال الرئيس السادات واستبعاد أن يكون السبب هو إقدامه على التوقيع على المعاهدة وترجيح أن يكون السبب ممثلا في أطماع هذا التيار في الاستيلاء على الحكم في مصر. ومع نهاية حكم «الإخوان» قصير العمر في مصر عاد التأكيد الحكومي الرسمي من جديد على التزام مصر بما وقعت عليه من معاهدات ومن بينها معاهدة السلام مع إسرائيل. إذن يمكننا القول إن تغير أشخاص واتجاهات الحكم في مصر خلال العقود الأربعة الأخيرة لم يحمل تغييراً بالنسبة إلى هدف الإبقاء على المعاهدة مع إسرائيل حفاظاً على المصالح التي تحققها لمصر، هذا على الرغم من أن المعاهدة في حد ذاتها لم تقلل من اهتمام المصريين شعباً وحكومات بالقضية الفلسطينية والسعي إلى تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة في الضفة وغزة بعاصمة هي القدس الشرقية.