جاؤوا بمئات الآلاف، وأدلوا بخطب حماسية معبرة. وشاركوا تجاربهم في شيكاغو وجنوب لوس أنجلوس وفلوريدا، وأظهروا اتزاناً ملحوظاً وإخلاصاً مؤثراً. وشاهد البالغون الذين يكبروهم بعقود تلك المسيرات بذهول. هؤلاء هم المراهقون. كيف تعلَّم هؤلاء الأطفالُ القيام بذلك؟ هذا الشعور بالدهشة بين البالغين كان واضحاً، لأن البالغين لم ينجحوا في تغيير الاتجاهات بشأن الأسلحة طوال عقود، ولأن المراهقين اختزلوا نقاط الحوار، وتخلصوا من الأكاذيب والسخرية واللامبالاة التي أصبحنا معتادين عليها في سياستنا. إذا كان هذا فيلماً، فستعتقدون أنه حقيقي. ومع ذلك، فربما كانت صورتنا عن المراهقين الأميركيين غير دقيقة بشكل كبير وسلبية بشكل ظالم. فكثيرون منا تقبلوا فكرة أن المراهقين سلبيون ومهووسون باستخدام هواتفهم الخاصة ويفتقرون للوعي المدني. وقد ذكّرنا ذلك الحشد بالتنوع الجغرافي والعرقي والجنسي الهائل. وفي حالة السلاح، فإن هؤلاء الناس هم أكثر تمثيلاً لوجهات نظر البلاد. إن وسائل الإعلام لها سلبياتها، وقد علمنا ذلك جيداً. لكننا نسينا وسط فضائح «فيسبوك» و«كامبريدج أناليتيكا» والتغريدات اليومية للرئيس ترامب، أن وسائل التواصل الاجتماعي تضخم ما هو موجود بالفعل، وهي تعطي الروس والكارهين والمناهضين للأجانب صوتاً أعلى، وتمنحهم الأدوات التي يستخدمونها لإخفاء هوياتهم الحقيقية.. بيد أنها أيضاً يمكن أن تضخم الأصوات المخلصة والعاطفية وأن توحد مجتمعاً. إنها ظاهرة يتم استخدامها بشكل مفرط، لكنها لا تحظى بالتقدير المناسب. ومن الملائم جداً إلقاء اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي، فالمشكلة الحقيقية هي الشريحة الصغيرة، لكنها الشريحة المهمة من السكان التي هي وراء الغضب ورفض التعامل مع الواقع. وكما هو الحال دائماً، فالحل لمواجهة الكلام السيىء هو المزيد من الكلام. وكان قرار السماح للأطفال والمراهقين فقط بالكلام قراراً أساسياً للجهد بأكمله. لا خطابات سياسية سابقة الإعداد، ولا مشاعر زائفة. إن تجربة أكثر من 180 ألف طالب تعرضوا لعنف السلاح في المدارس على مدى العقود القليلة الماضية أصبحت حقيقية ومباشرة للغاية. وقد تحدث هؤلاء الذين في مسرح الأحداث عن أصدقائهم، وثقتهم في التغيير، وتضامنهم مع الضحايا الآخرين، وشجاعتهم في مواجهة الرافضين والساخرين. كما أدانوا الجمعية الوطنية للسلاح والسياسيين الذين يأخذون أموالها. ومع ذلك، كانت اللحظة الأقوى غير معلنة. فقد قرأت «إيما جونزاليز»، من مدرسة «مارجوري ستونمان دوجلاس» الثانوية، أسماء الذين قتلوا في ذلك اليوم والأشياء التي لن يفعلوها. وبعد ذلك وقفت في صمت أمام الميكروفون، وتركت الثواني تمر والدموع تتدفق على وجهها. وأخيراً تحدثت: «مرت ستة دقائق وعشرون ثانية منذ أن خرجت وجئت إلى هنا. توقف الرامي عن إطلاق النار وبعدها ترك سلاحه وامتزج بين جموع الطلاب وهم يفرون وظل حراً لمدة ساعة قبل أن يتم القبض عليه». وأضافت «يجب أن تكافحوا دفاعاً عن حياتكم قبل أن تصبح هذه وظيفة شخص آخر!» وهكذا فقد بقينا مع التناقض الصارخ؛ إخلاص الطلاب مقابل تفاهات المدافعين بصرامة عن السلاح، سرعة وحيوية الحركة الجماهيرية مقابل الجمود والتشابه في سياستنا، الإصرار العنيد للمراهقين الذين ملوا العالم مقابل الشعور بعدم الجدوى الذي يسود سياستنا. والنتيجة ليست مقدرة. نعم، إن الديمقراطيات تتعرض للهجوم. وإذا كان المراهقون قد نجحوا في هزيمة العاصمة بغضبهم، فإن بقيتنا بالتأكيد يمكنهم أن يفعلوا شيئاً أكثر من الشكوى والصراخ على شاشات التلفزيون. جنيفر روبين كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»