امتلأت الصحف خلال الأيام السابقة بأخبار عن احتمال إجراء انتخابات إسرائيلية مبكرة. والمفروض أن مدة الحكومة الحالية تنتهي في نوفمبر 2019، فما الذي يدعو إذن إلى تبكير موعد الانتخابات؟ هناك من يؤكد من الساسة الإسرائيليين أن السبب الحقيقي وراء هذا الاحتمال هو سبب شخصي يخص رئيس الوزراء نتنياهو. فعلى سبيل المثال يقول إسحق هرتزوج زعيم المعارضة في الكنيست موجها كلامه إلى نتنياهو خلال جلسة للكنيست، إن شركاءك في الحكومة الائتلافية لا يثقون فيك وهم يعرفون أنك لا تقصد ما تقول عندما تنفي رغبتك في الانتخابات المبكرة ويعلمون أنك تريد الانتخابات بسرعة من أجل استباق قرار المستشار القانوني للحكومة فيما يتعلق بالتهم الموجهة إليك بالفساد. لا يترك هرتزوج المستمعين ليخرجوا باستنتاج أن كلامه مجرد انطباعات بل يقدم لهم المعلومات التي يبني عليها كلامه، فيقول إن بعض الوزراء من حزب «ليكود»، وهو حزب نتنياهو، قد طلبوا من أعضاء الكنيست في المعسكر الصهيوني الموافقة على إجراء انتخابات في يونيو المقبل. ومن ناحية أخرى تكتب صحيفة هآرتس أن نية رئيس الحكومة نتنياهو متجهة إلى استغلال الشقاق القائم بين الأحزاب المشاركة في حكومته حول قانون إعفاء الشبان المتدينين من التجنيد للدفع بقرار تبكير الانتخابات بحيث يبدو الأمر أمام الجمهور وكأن حزب «يهدوت هتوراة» المتدين وحزب «يسرائيل بيتنا» الذي يرأسه وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان، هما المسؤولان عن تفكيك الحكومة القائمة بسبب تصميم الحزب المتدين على تمرير القانون في الكنيست ورفض حزب ليبرمان العلماني لهذا التمرير. وفي هذه النقطة يتهم المراقبون نتنياهو بأنه لم يبذل الجهد اللازم للتوفيق بين الحزبين الشريكين في حكومته قبل سفره إلى واشنطن لحضور مؤتمر منظمة «إيباك» اليهودية، وسافر وهو يتمنى أن يزيد الشقاق بينهما في غيابه بحيث يعلن كل منهما رغبته في حل الحكومة، وبهذا يتحقق له ما يريد وهو تفادي صدور قرار بإحالته للمحكمة في نهاية ولايته الحالية ليؤجل الأمر إلى ما بعد الانتخابات وحصوله على تفويض أكبر من الناخبين بالحكم، مما يقوى موقفه. لقد اضطر نتنياهو إلى بذل جهود للتوفيق بين الحزبين بعد عودته من واشنطن بعد أن اكتشف أن جميع الأحزاب ترفض إجراء الانتخابات المبكرة في الموعد الذي يناسبه شخصياً، وهو 26 يونيو، وراح يبذل جهدا لتحقيق توفيق مؤقت يقضي بتقديم القانون الذي يريده الحزب المتدين ليمر بالقراءة التمهيدية على الفور ثم يؤجل قرار صدوره النهائي بالكنيست إلى ما بعد عطلة الكنيست الربيعية وعودته للانعقاد في الصيف. طبعاً يعلم نتنياهو أنه لم يفعل أكثر من تأجيل الانفجار المتوقع في حكومته لأن حزب ليبرمان مصمم على الاستقالة من الحكومة إذا ما تم تمرير القانون بصورته الحالية بشكل نهائي في دورة الصيف. هذا الموقف، أي تأجيل الانفجار، يمثل الأفضلية الثانية لنتنياهو بعد فشل أفضليته الأولى، أي إجراء الانتخابات بصورة عاجلة في يونيو، حيث كان قد أعلن أنه في حالة استقالة حزب ليبرمان من الحكومة فإنه لن يرضى بالبقاء رئيساً لوزراء حكومة تحكم بأغلبية طفيفة، وهى 61 عضوا من مجموع أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120، وأنه في هذه الحالة سيتجه إلى حل الحكومة والدعوة إلى انتخابات مبكرة ليحصل على تفويض أكبر من الجمهور. --------------------- *أستاذ الدراسات العبرية -جامعة عين شمس