ما زلنا نشهد تتابعا سريعا للتطورات من جانب كل من الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو فيما يتعلق بعملية التسوية السياسية، وهي تطورات تستحق جمعها وتسليط الضوء عليها من جانب الأجهزة السياسية الرسمية في العالم العربي للوقوف على دلالاتها. في الأسبوع الماضى فاجأنا الرئيس ترامب عندما أعلن أنه غير متأكد من عزم إسرائيل على صنع السلام. هذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها مثل هذا الشك من جانب ترامب وهو أمر يستحق الفحص السياسي الدقيق. هل يدل هذا التصريح الذي جاء في إطار حوار مع صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية الإسرائيلية على أن الرئيس الأميركي وصلته إشارات من حكومة نتنياهو تفيد بأنها لا تتجاوب مع مشروعه الذي يعده للسلام بعد أن امتصت رحيق قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. هذا سؤال يجب أن يبقى قيد الفحص. ومن ناحية أخرى لاحظنا في بداية الأسبوع الحالي تطورا مزدوجا من جانب نتنياهو، فقد اعترض على مشروع قانون لضم مناطق الاستيطان في الضفة الغربية تقدم به عضوان من الكنيست أحدهما من حزبه «ليكود» والثاني من حزب «البيت اليهودي» شريكه في الحكومة الحالية. ظن بعض المراقبين أن نتنياهو يمارس بهذا الاعتراض حكمة سياسية حتى لا يزعج الرئيس ترامب، غير أنه بادر بعد ذلك في اجتماع مع الهيئة البرلمانية لحزبه بالإعلان عن أنه يناقش ضم المستوطنات إلى السيادة الإسرائيلية منذ فترة مع الإدارة الأميركية وأنه يفضل أن يأتي مشروع قانون الضم من جانب الحكومة وليس من جانب أعضاء منفردين في الكنيست لأنه يعتبره مشروعا وطنيا. طبعا اطمأن أعضاء ليكود بتصريح نتنياهو المذكور غير أن صدمة أميركية حطت عليهم عندما قام جوش رافيل المتحدث باسم البيت الأبيض بنفي صحة ما قاله نتنياهو، مؤكدا أن البيت الأبيض لم يناقش مسألة ضم المستوطنات مع نتنياهو وأن الرئيس ترامب يركز على إنجاز مشروعه للسلام. إذن نحن أمام تطورين أميركيين الأول يتمثل في الشك في عزم إسرائيل على صنع السلام، والثاني التكذيب العلني لنتنياهو. من المهم أن نلاحظ تطورا أميركيا ثالثا تمثل في رسالة التحية التي أرسلها الرئيس ترامب إلى الرئيس عباس بوساطة بوتين قبل اجتماع الأخيرين يوم الاثنين الماضى في موسكو. أضف إلى ذلك التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية الفلسطيني بعد اجتماع موسكو وكشف فيه أن الرئيس بوتين نقل لعباس ملاحظات شخصية من ترامب. هل يمكننا فهم هذه التطورات الأميركية الثلاثة في ضوء ما أعلنه صائب عريقات مؤخرا من أن السلطة الفلسطينية تلقت من طرف ثالث محتوى مشروع السلام الأميركي؟ ووفقاً للمصادر فإن ذلك المشروع يتضمن نقطة خلافية بين ترامب ونتنياهو، تتمثل في رغبة الأخير بضم 15? من أرض الضفة في إطار التسوية، بينما يصمم ترامب على أن تقتصر النسبة على 10? فقط من أرض الضفة. هنا علينا أن نلاحظ أن هذا الخلاف الأميركي الإسرائيلي، إذا صحت المعلومات، هو خلاف كمي يعكس في نفس الوقت اتفاقا على مبدأ الضم بغض النظر عن النسبة. من المهم أيضاً أن نرصد أن الكنيست قد وافق نهائيا يوم الثلاثاء الماضي على مشروع قانون لتطبيق القوانين الإسرائيلية على المؤسسات الأكاديمية في المستوطنات، ما يجعلها تابعة لمجلس التعليم العالي الإسرائيلي. وهذا يعني من وجهة نظري أن عملية تطبيق السيادة الإسرائيلية على مستوطنات الضفة تجري بالتقسيط.