رسالة إلى الجمهوريين: يمكنكم أن تكونوا مؤيدين للنمو، وأن تكونوا معارضين للهجرة، لكن لا يمكنكم أن تكونوا كل ذلك معاً. والواقع أن ثمة الكثير من الأسئلة داخل نقاش الهجرة ليست لها إجابات واضحة ومباشرة. أسئلة معقدة، لهذا لا ينبغي على الكونجرس أن يحاول حلّها جميعاً من الآن حتى الثامن من فبراير، وهو التاريخ الذي حدّده لنفسه من أجل حل مشكلة «الحالمين». ولعل أفضل ما يمكن أن يفعله في الأيام القليلة المتبقية هو أن يحلّ مشكلة الحالمين، أي المهاجرين غير الشرعيين الذين جُلبوا إلى هنا حينما كانوا أطفالاً، في خرقٍ للقانون لم يرتكبوه، الذين يحترمون القانون ويذهبون للمدرسة أو العمل أو يخدمون في الجيش. إنهم أميركيون في كل شيء عدا في وضعهم القانوني. السيناريو المثالي هو أن يجدول الكونجرس نقاشاً جاداً لهذه الأسئلة في دورة الربيع، وأن يتم ذلك في إطار روح بنّاءة. لكن السيناريو المثالي أيضاً هو أن تتم المناقشة مع إدراك لحقيقة أن أولئك الذين يؤيّدون خفضاً جذرياً في مستوى الهجرة، مثلما يفعل كثيرٌ من الجمهوريين، إنما سيقومون باتخاذ قرارٍ يتعلق بمستقبل أميركا. ذلك أنهم سيحوّلوننا إلى يابان. الآن، ودفعاً لأي لبس، فإن اليابان تمثّل، من دون شك، بلداً رائعاً يمتاز بثقافة عريقة ومعقدة، ويمتلك الكثير ليعلّمه للعالم. لكن اليابان أيضاً بلدٌ يستقبل القليل جداً من المهاجرين، ولذلك فإنه آخذ في الشيخوخة والتقلّص، إذ بحلول عام 2030، سيصبح أكثر من نصف سكان البلاد فوق سن الخمسين. وبحلول 2050، سيصبح عدد الأشخاص المسنين (65 عاماً وأكثر) يمثّل أكثر من ثلاثة أضعاف عدد الأطفال (14 سنة فأقل). والواقع أن عدد الوفيات يفوق عدد الولادات منذ بعض الوقت. وخلال نصف القرن المقبل سوف يتقلّص عدد سكانها البالغ 127 مليون نسمة بالثلث. والواقع أن اليابان تمثّل نسخة رائدة ومتطرفة للمآل الذي ستؤول إليه معظم بلدان «العالم الأول» بسبب امتداد أمد الحياة وتراجع معدلات الخصوبة. وتشمل العواقبُ المحتملة تباطؤَ النمو الاقتصادي، وتراجع الابتكار، ونقص اليد العاملة، والضغط الكبير جداً على نظام المعاشات. وعلاوة على ذلك، فإن نسبة إعالة المسنّين في اليابان في 2050 –أي عدد الأشخاص البالغين 65 عاماً فما فوق كنسبةٍ مئوية من عدد من تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً، قد تبلغ 71.2 بالمئة، والرقم المقابل في الولايات المتحدة هو 36.4 بالمئة، سيسجّل ارتفاعاً مقارنة بـ25.7 بالمئة في 2020. رقم يظل مرتفعاً، غير أنه إذا تبين أنه رقم يمكن التحكم فيه، فالفضل في ذلك يعود للهجرة. فأميركا ما زالت تجذب أشخاصاً يتحلون بالدينامية ومستعدين للعمل بجد من مناطق مختلفة من العالم، وهؤلاء وذرياتهم هم من يساعدون مجتمعنا واقتصادنا على مواصلة النمو، مثلما تشرح ذلك أوراق لـ«مركز بيو للأبحاث» و«صندوق النقد الدولي». موجة الهجرة خلال نصف القرن الماضي غيّرت وجه البلاد أيضاً، حيث قلّصت حصة السكان البيض مما كانت ستكون عليه ورفعت حصة الآسيويين والمنحدرين من أميركا اللاتينية. لكن، ومثلما يحدث في مثل هذه النقاشات، فإن التصورات السائدة مختلفة عن الواقع. ذلك أن قرابة نصف المهاجرين (48 في المئة) هذه الأيام لديهم شهادات جامعية، مثلما أظهرت وثيقة من «معهد سياسة الهجرة» العام الماضي. كما أن ربع شركات التكنولوجيا الناشئة بين 2008 و2012 كانت تضم مؤسِّساً واحداً على الأقل مولوداً في الخارج. بعبارة أخرى، بالتوازي مع ارتفاع مستويات التعليم والدخل عبر العالم، أخذ خليط مهارات الهجرة الأميركية يتغير، من دون أي تغيرات في قوانيننا. وخلاصة القول إنني أعتقد أنه ينبغي علينا أن نظل منفتحين على المهاجرين لأن ذلك يمثّل جزءاً من هويتنا كأمّة، ولأن كل جيل من الوافدين الجدد يغنينا ويحسّننا، بمن فيهم الأشخاص الذين يأتون إلى بلدنا بلا شيء غير العزيمة والشجاعة والطموح. لكن المرء غير مضطر لتصديق أي من الأشياء حول «تمثال الحرية» وما يرمز إليه حتى يكون من المؤيّدين للهجرة، لأن مجرد حسابات المصلحة الذاتية المجردة تفضي إلى الخلاصة ذاتها: أن تصويتاً من أجل وقف الهجرة هو تصويت من أجل الركود والتراجع! ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»