خلال زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى سويسرا لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي، سيكون محوطاً بالعديد من نخب السياسة والمال في العالم، وكثيرون منهم أعربوا عن اختلافهم معه شخصياً ومع أجندته التي ترفع شعار «أميركا أولًا». ولكن ترامب الآن أمام أحد خيارين. إما أن يقدم نفسه كشخصية نرجسية وفي أمَسّ الحاجة دائماً للمداهنة، أو أن يحاول تقديم سرد مقنع لرئاسته أمام جمهور دولي مهم ومهتم، في الوقت نفسه. وبعد مرور عام على رئاسته، أصبحت لدى ترامب الآن أجندة موثوق بها بعض الشيء. وبإمكانه دعوة قادة العالم للانضمام إليه في سعيه لتحقيق النمو الاقتصادي، وتأمين الحدود، ومحاربة التطرف والإرهاب. وفي مقال نشر في صحيفة «واشنطن بوست»، يعرض نيال فيرجسون العديد من النقاط الوجيهة تتعلق بالأسباب التي تجعل التفكير التقليدي يبدو أحياناً مخطئاً، ولماذا يقبل دافوس الرئيس ترامب في نهاية المطاف. ويشير فيرجسون إلى أن «القضية الحقيقية هي الرسالة التي يختار ترامب أن يوصلها إلى النخبة من رجال الأعمال في العالم، الذين لديهم سر صغير محرج لا يفضلون الإشارة إليه كثير: فهم قد ينتقدون تغريداته وخطابه غير الصحيح سياسياً من وجهة نظرهم، ولكنهم أمضوا العام الماضي وهم مفتونون بسياسته الاقتصادية». وعلى النقيض من الرئيس السابق باراك أوباما، الذي كان يرى النخبة الاقتصادية كمجموعة أخرى يمكنه إلقاء محاضرة عليها، يؤمن ترامب حقاً بالدور الذي يمكن أن يلعبه هؤلاء الناس -والشركات التي يديرونها- في تعزيز الرخاء وتوليد الثروة. إن المنتدى الاقتصادي العالمي، كما كتبت الأسبوع الماضي، هو مؤسسة جيدة تحقق منفعة عالمية. ولكنها في السنوات الأخيرة انحرفت إلى اليسار وتبنت قضايا اجتماعية مرهقة حتى لو بدت صائبة سياسياً، ورددت مصطلحات ليست لها علاقة بتحقيق الازدهار. وكأفراد، هناك العديد من الحاضرين يهتفون سراً لترامب. ولكن كمجموعة، فالحضور في منتدى دافوس نادراً ما يعترفون بقوة الأرباح. وبإمكان ترامب أن يعيد حشد منتدى دافوس إلى منطلقاته الاقتصادية، الأمر الذي من شأنه أن يفيد الجميع. وباعتباره القائد العام للقوات المسلحة لأكبر قوة في العالم، بإمكان ترامب الإمساك بزمامم القيادة بشأن القضايا التي لم تكن رائجة تماماً من قبل في تقاليد منتدى دافوس -مثل قضايا تأمين الحدود ومحاربة الإرهاب والتطرف. ومثل هذه الرسائل والقضايا قد لا تكون مما اعتاد منتدى دافوس تخصيص وقت كبير له على أجندة أعماله، ولكن الحاجة قائمة فعلاً إلى الحديث عنها على نطاق واسع في دافوس. ويبقى أن نرى ما إذا كان لدى ترامب الانضباط والحصافة ليوصل هذه الرسالة. وهذا سيساهم في تقديم ترامب كزعيم ذي فاعلية مؤثرة على الساحة الدولية. وقد كاندافوس يركز أحياناً على قضايا هامشية إلى درجة نسي معها بعض القضايا الأساسية. إن الجميع بحاجة إلى تحقيق الحرية والازدهار والأمن. وإذا ما تم فهم ذلك بشكل صحيح، سيتمكن الناس في مختلف أنحاء العالم من بناء حياتهم بطريقة أفضل. إما إن فهم بشكل خاطئ، فسنشهد صراعات وفقراً واضطهاداً في العديد من مناطق العالم. إن المجتمع الدولي بحاجة إلى الاستماع إلى دعوة ترامب لتحقيق الازدهار من خلال سياسات مؤيدة للنمو، وتأمين الحدود ومكافحة التطرف والإرهاب. لقد أتيحت لترامب من قبل فرص لإثبات نفسه. بيد أن هذه الفرص طغت عليها أحياناً أخطاء تلقائية و«أنا» بحاجة إلى اهتمام بشكل مستمر. والآن، يقدم منتدى دافوس لترامب المنصة التي يحتاج إليها لبناء وترسيخ مصداقية زعامته على الساحة الدولية. وبإمكان ترامب إما أن يدعو العالم إلى الانضمام إليه في تحقيق النمو الاقتصادي، وتأمين الحدود ومكافحة التطرف، أو أن ينخرط في خطبة مسهبة من التعبيرات غير المتناسقة والإهانات لخصومه والمختلفين معه. والخيار له في النهاية، على كل حال. ------------------ إد روجرز* * مستشار سياسي للبيت الأبيض في عهدي ريجان وبوش الأب ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»