مع مطلع عام 2018 تكون الحرب السورية دخلت عامها السابع. وفي هذا كتبت «سوزانه كليبل» في مجلة «درشبيجل» الألمانية عن «نصر بشار الأسد» (العدد 52/ 2017 صفحة 77)، وخلصت إلى أن الطريق نحو السلام مازال طويلا في سوريا. ومن يراجع التاريخ يتعظ، ومن يغفل عن سنن الله فإن سنن الله لا تغفل عنه. حرب السنوات السبع هذه ليست جديدة في التاريخ، فعلى الساحة الأوربية اندلعت حرب مخيفة بين عامي (1756 و1763) اشتركت فيها معظم الدول الأوربية بين بروسيا بقيادة الملك فردريك، ومعه بريطانيا ودولة هانوفر، في موجهة فرنسا والنمسا وروسيا والسويد، ودخلت إسبانيا والبرتغال الحرب لاحقاً. كانت ألمانيا يومها غير موحدة، وتركت الحرب أكثر من مليون قتيل على الساحة الأوربية، وخسرت فرنسا الأرض الأميركية. وحين تعد الحروب بالسنوات، فالكارثة السورية في سبع سنوات تجعلنا نتذكر أكثر الحروب دموية في التاريخ، مثل حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران، والحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها نحو 50 مليون قتيل، وقبلها الحرب العالمية الأولى التي كلفت نحو 20 مليون قتيل، وحرب السنوات الست في أوروبا التي خلفت خمسين مليون قتيل، نصفهم من الروسي وجيرانهم. كما نتذكر حرب فرانكو مع الجمهوريين في إسبانيا بكلفة بلغت من الرعب أن من نجا منها اختفى في البراري والقفار أربعين عاما إلى حين وفاة الطاغية عام 1975. بقي أن نذكر حرب ال14 عاما في الهند الصينية (1964 -1978) التي قتل فيها 1,2 مليون فيتنامي مقابل 58 ألف أميركي. ولا ننس حرب المائة عام في أوروبا والتي علق فيها الخصمان اللدودان الدولة الصفوية والسلطنة العثمانية. وحسب تقديرات «ماكنمارا» وزير خارجية أميركا السابق، فإن «الخطة التشغيلية المتكاملة الأولى» (SIOP) التي أعدتها القيادة الاستراتيجية للقوات الجوية الأميركية، كانت تقضي بقتل ما بين 360 و525 مليونا خلال أسبوع واحد بالسلاح النووي، ومسح أكثر من 200 مدينة سوفييتية، وهو ذات الكلام الذي كرره الاستراتيجي النووي «لي بتلر» في مقابلة مع مجلة «درشبيجل» لاحقاً. وكما يشير ريشارد نيد ليبوف في كتابه «لماذا تتقاتل الأمم؟»، أن عدد القتلى في النزاعات المسلحة في القرن العشرين كلفت 160 مليونا من الأنام! وأنه في ذروة المواجهة الباردة السوفييتة الأميركية بلغ عدد الرؤوس النووية 70 ألف رأس جاهز للانقضاض! ويذكر ليبوف أن أميركا أنفقت على التسلح في عام 2008 مبلغ 417 مليار دولار، وأن نسبة العاملين في القطاع العسكري مثلت 10? من اليد العاملة في أميركا، والتي يعتبرها الكاتب الخطر الأعظم في العالم. نجح الأسد في النجاة من المشنقة إلى الآن، كما انتهى لها صدام والقذافي، لكن صدام حسين رش الإيرانيين بالسلاح الكيماوي في الفاو، بمساعدة من دونالد رمسلفيلد، ثم جاءت نهايته على أيدي الغزو الأميركي اللاحق حين كان البنتاغون تحت قيادة رامسفيلد نفسه. وبالنسبة للأسد الذي سلم سوريا للإيرانيين والروس برسم الاحتلال، فالقصة لم تنته بعد، وعلينا متابعة فصول جديدة من المأساة، فهذه هي حكمة التاريخ، أي أن أي طرف يمكنه إطلاق الحرب في أي وقت، لكنه لن يستطيع التحكم في مخارجها ونهاياتها كما يتوقع. كل القصص المذكورة تصب في خانة الحكمة الأعظم، وهي أن الحرب جريمة وجنون وإفلاس أخلاقي، كائنا مَن دشنها وسعى لها، وهو ظالم لنفسه مبين. ويبقى السؤال كما طرحه «نيبوف»: لماذا تتقاتل الأمم؟ أذكر أن الفرنسي «غاستون بوتول» أنشأ معهداً لدراسة ظاهرة الحرب، وقال إنها (أي الحرب) أزهقت من الأرواح ما تعجز عنه أعتى الأوبئة والجوائح.