أعادت السلطات المختصة في دولة الإمارات العربية المتحدة إجراءات السفر بين الدولة وجمهورية تونس الشقيقة إلى ما كانت عليه قبل الظروف المستجدة التي طرأت نتيجة لمعلومات تفيد بوجود خطر ما يتم تدبيره ضد ناقلات ركاب مدنية تابعة للإمارات. وهذه العودة السريعة تدل على أن الدولة لا يمكن لها أن تفرط في علاقاتها مع أشقائها تحت أي ظرف، في الوقت نفسه الذي تحرص فيه بشدة على حماية وتأمين مصالحها الوطنية ضد الإرهاب ومرتكبيه، فهذه مسلمات وثوابت تلتزم بها أقصى درجات الالتزام. وما نشير إليه ليس هو القضية، لكن المهم هو ما يحاول زبانية قطر ومروجي الإشاعات والفتن فيها الصيد من خلاله في المياه الآسنة، والإساءة إلى الإمارات ومؤسساتها وسمعتها والتشويش على علاقاتها الوثيقة مع تونس الشقيقة دولة وشعباً وحكومةً. إن قيام موقع عربي بنشر وثيقة مزيفة ادعى بأنها صادرة عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي ليس إلا محاولة يائسة وأسلوب رخيص من قبل الإعلام المأجور والمضلل للنيل من الإمارات ومؤسساتها التي تعمل بكل كفاءة واقتدار، ولا يمكن لها أن تكون عرضة لمثل هذا الاختراق الذي لا يصدقه العقل. بالإطلاع على الوثيقة المزعومة بنظرة فاحصة والتمعن فيها بروية يتضح بأنها حبر كاذب على ورق رخيص، وتقف وراءها جهات لها غرض غير نبيل من خلال اختلاقها بخيال روائي محوره الأكاذيب والافتراءات على جهة رسمية. إن المرء كمواطن إماراتي لا يستطيع أن ينكر إحساسه بالمرارة التي تعتصر أفئدة أبناء الإمارات، والاستغراب الذي يسيطر على عقولهم، وتعاظم الإحساس بعدم صدق نوايا النظام الحاكم في قطر تجاههم نتيجة لسماحه بمثل هذه الممارسات من قبل أجهزة إعلامية ديدنها الكذب ومنهجها الافتراء والتضليل. ومثل هذه الدعاية الإعلامية الرخيصة تعزر من يقين شعوب دول مجلس التعاون بأن النظام القطري يعمل على تعكير صفو الأجواء الخليجية وزعزعة استقرار دول وشعوب المجلس، الأمر الذي يحتم على المسؤولين فيه العمل على إيجاد حلول جذرية لما يمكن أن يترتب مستقبلاً على مثل هذه الممارسات المشينة واضعين نصب أعينهم التداعيات التي يتسبب فيها الإخوان الإرهابيون، أين ما حلوا وأينما ارتحلوا. وفي سياق ذلك توجد جملة عوامل تتفاعل على الساحة السياسية الخليجية هي: أولاً ضرورة انتهاء تواجد "الإخوان" في المنطقة، وثانياً: رغبة الشعب القطري في حدوث تغيير سياسي في بلاده، وثالثاً: القضاء على تطلعات جماعة "الإخوان" كحزب سياسي يرغب في الوصول إلى السلطة، ورابعاً: مواجهة الأطماع الإيرانية في الخليج العربي والعالم العربي من خلال مخلب القط القطري. مخلب القط هذا، ومن خلال مثل هذه الممارسات السطحية المشينة يطمح في أن يستأثر بدولة الخلافة المزعومة التي يعده بها "الإخوان" من خلال تواجد قياداتهم المكثف في قطر. جماعة "الإخوان" كان لها تواجد محدود في الخليج العربي قبل أن يأتي نظام قطر الحالي إلى السلطة، ويتولى دعمها وتشجيع وجود قياداتها وعناصرها وخلاياها النشيطة والنائمة في المنطقة. ويبدو أن فلولها في قطر اقنعت قيادات النظام بالخلط بين نظامهم القائم على حكم الأسرة وبين فكر "الإخوان"، ولم ينم إلى فهمهم أن الأمرين متناقضين تماماً ولا يمكن أن يلتقيا. ويضاف إلى ذلك الارتماء في أحضان إيران. وقد زاد نشاط "الإخوان" في الخليج العربي والعالم العربي السياسي والإعلامي بعد أن تم تأسيس قناة "الجزيرة" القطرية التي تتولى حالياً الترويج لكل ما هو مسيء إلى دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية. إن محاولة الإعلام المأجور المدعوم من قبل قطر التشويش على الإجراء الأمني الاحترازي لدولة الإمارات هو بمثابة دعم صريح للإرهاب والإرهابيين. وهذه تصرفات لن تهز قيد أنملة من حرص الإمارات على حماية مصالحها كافة، والأدلة التي بنت عليها قرارها الخاص بمنع ركاب معينين من الصعود إلى طائرات إحدى شركات ناقلاتها الوطنية لم تأت من فراغ، وتدل على تبنيها صيغ صلبة جداً ضد الإرهاب والإرهابيين أياً كانوا وفي كل زمان ومكان، فالإرهاب ليس بمشكلة صغيرة يمكن حلها بسهولة، فهو تهديد يجب مواجهته والقضاء على مخاطره، وهو جزء من حقيقة كونية في عصرنا هذا لن تزول بسهولة، ويجب التعامل معه وفقاً لخطوط حمراء واضحة، وأخرى هاوية، تتصرف الإمارات تجاهه وفقاً لها، شاء من شاء وأبى من أبى. د.عبدالله جمعة الحاج* *كاتب إماراتي