المال والتحقيق حول التدخل الروسي
كتب «تيموثي أوبراين»، من وكالة أنباء بلومبيرج: «إن هناك مقربين من البيت الأبيض لديهم صفقات عقارية وتراخيص طويلة الأمد مع شركاء عمل مشكوك فيهم، بعضهم روس والبعض الآخر من غير الروس، كما سبق أن كتبت أنا وصحفيون آخرون مثل الراحل (واين باريت) منذ سنوات. وفي حين أن حلفاء ترامب قد استهدفوا مؤخراً التحقيق الذي يجريه (روبرت مولر) باعتباره يستند على أسس واهية، ويشوبه تحيز الادعاء، وأنه عبارة عن مؤامرة تمت حياكتها مع موالين للحزب الديمقراطي و(الدولة العميقة)، فالحقيقة هي أن مولر -وهو مدع عام مخضرم ويحظى بالتقدير- يقوم بإجراء تحقيق وفقاً للقواعد المنصوص عليها في الكتب، وهو تحقيق من المرجح أن يستمر في دراسة أمور تتجاوز التواطؤ السياسي – التي يسمح بها التفويض الأصلي لمولر- وسيستمر في القيام باستجلاءات حول التعاملات المالية لبعض المقربين من ترامب وأعضاء حملته الانتخابية».
لقد رأى أوبراين وغيره من المراقبين أن الجوانب المالية في ملف التحقيق المذكور تخيم على رئاسة البيت الأبيض مثل سيف «ديموكليس»، ولهذا السبب، ووفقاً للنظرة ذاتها، فقد قيل إن أحد المقربين قام مراراً وتكراراً بحذف معلومات عن أموره المالية وعن لقاءاته مع أجانب من استمارة تصريحه الأمني، الموقعة تحت بند عقوبة الحنث باليمين، ولهذا السبب فإن اجتماع الشخص المذكور مع مسؤول مصرفي روسي خلال المرحلة الانتقالية، لم يتم الكشف عنه أصلاً. ولهذا السبب أيضاً، كما أشار ستيفن بانون، فقد دعّم مولر فريقه بالعديد من الخبراء في مجالات مكافحة غسيل الأموال وتعقب الجرائم المالية.
ولذلك السبب أيضاً حصل مولر على سجلات من بنك دويتشه بناءً على مذكرة إحضار. وللسبب ذاته، كما ذكرت شبكة «سي إن إن»، كان على بعض الشركات الخاصة أن تخرج نصيبها من الوثائق، وقد أفادت «سي إن إن» أن الوثائق تغطي مجموعة من الأحداث، والمحادثات والاجتماعات تشمل أنشطة العاملين في الشؤون العقارية للرئيس، وتصريحاتهم للمحققين الذين يحققون في التدخل الروسي في الانتخابات، بحسب ما ذكر ثلاثة أشخاص على دراية بهذه المسألة. وتركز معظم المعلومات على الفترة من يونيو 2015، عندما أعلن ترامب عن ترشحه للرئاسة، وحتى تنصيبه في يناير 2017.
وستوضح أهمية التعاملات المالية للرئيس رفضه المطلق الكشف عن إقراراته الضريبية وغضبه في بداية التحقيق، حيث قال إن التحقيق بشأن أموره المالية سيكون «انتهاكاً»، لكنه لم يوضح انتهاكاً لماذا. ورداً على سؤال حول ما إذا كان هذا سيكون «خطاً أحمر»، قال: «نعم».
لكن الغريب في الأمر أنه رغم غضب ترامب من المدى وصل إليه التحقيق في الأمور المالية الخاصة به، فإنه لم يحاول حتى الآن فصل «مولر» أو السعي لإقالته من منصبه. وربما يكون السبب أن فريقه أقنعه بأن من شأن مسعى كهذا أن يثير حديثاً جدياً عن موضوع «الإقالة».
وإذا كان ترامب يعتقد أن تلك الجوانب المالية كانت مصدراً للضعف، أو أن الانتخابات كانت فرصة للقيام بأعمال تجارية مع روسيا، فربما كان قد توخى الحذر بشكل خاص من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الحملة الانتخابية.
وأخيراً، ربما يكون القلق بشأن أموره المالية قد دفعه إلى فصل المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي.
وفي هذه المرحلة، لا نعرف ببساطة ما إذا كانت أمور ترامب المالية تمثل إشكالية من الناحية القانونية أم أنها محركة سياسياً. وليس لدينا إلى حد الآن أي دليل على أن الرئيس أو أياً من مقربيه الأقربين كان قد فعل أي شيء غير قانوني. ومع ذلك، يبدو أن مولر يعتقد بأنه ربما كان هناك شيء ما يستدعي كل هذا التحقيق. وسنكتشف بعد انتهاء مولر من عمله ما إذا كان حدس «ستيف بانون»، المستشار الاستراتيجي السابق للبيت الأبيض، صحيحاً أم أنه لا يستند إلى أي منطق صلب.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»