أتوقع أن ينظر المؤرخون إلى عام 2017 مستقبلاً باعتباره أحد أعوام زمن السلم الأحلك في تاريخ الولايات المتحدة، عام تكبد فيها نفوذ الولايات المتحدة العالمي خسائر معتبرة، واستخدم فيه الكونجرس صلاحياته الكبيرة لإغناء الأغنياء. غير أن النظرة المتفحصة للتاريخ الأميركي تقدم مع ذلك أسباباً للتفاؤل. فنحن، عادة، نعرف كيف نخرج من فتراتنا الأحلك. وعلى أمل أن يشكّل 2018 بداية نقطة تحول على الأقل، أقدّم في ما يلي 6 أمنيات للعام الجديد. 1- الجمهوريون يدعمون حكم القانون. المشكلة الأكثر إلحاحاً التي تواجهها الولايات المتحدة هي إمكانية قيام الرئيس بعرقلة تحقيق في السلوك غير القانوني لبعض مساعديه، وربما سلوكه أيضاً. ومن الواضح أن الرئيس ترامب يريد فعل ذلك، حيث يقوم حلفاؤه بمحاولات لتشويه سمعة روبرت مويلر رغم كونه جمهورياً، ومديراً ناجحاً لمكتب التحقيقات الفدرالي، وعسكرياً موشحاً بأوسمة ويتابع المسائل التي تهم المصلحة الوطنية، ومن ذلك: هل لقوة أجنبية معادية تأثير على مسؤولين أميركيين؟ وهل استخدم الرئيس أساليب غير قانونية في حملته؟ الجمهوريون في الكونجرس يستطيعون الحرص على حصول البلاد على أجوبة، ويستطيعون رفض السماح بأي عرقلة لتحقيق مويلر، مثل إقالته أو إقالة رئيسه، نائب وزير العدل رود روزنشتاين. فإذا حاول ترامب التدخل في الموضوع، يستطيع زملاؤه الجمهوريون أن يقولوا له إن رئاسته ستنتهي فعلياً. 2- كوريا تتجنب الحرب. إن خطر حرب مدمرة حقيقي، لكن المؤشر المشجع هو أنه رغم كل نرجسية «كيم جون أون» ونزقه، فإنه يتصرف عموماً على نحو يخدم مصلحته الذاتية. وهذه البراغماتية تعني أن الاحتواء ممكن، لأن الحرب قد تقضي على نظامه. وهناك أمل في أن تكون الرؤوس الرزينة في إدارة ترامب هي من يحدد السياسات. 3- العالم يزداد تحسناً. قد يكون من الصعب تصديق ذلك في الولايات المتحدة، لكن 2017 كان أفضل عام في التاريخ، من حيث رخاء البشرية ورفاهيتها بشكل عام. فالناس لم يسبق لهم أبداً أن عاشوا بمثل هذا الطول، وبمثل هذه الجودة، وبمثل هذه الحرية. وقد سألتُ تشارلز كيني، مؤلف كتاب «التحسن» حول الرخاء العالمي، عما ينبغي أن نأمله في 2018، فشملت إجاباته: نصراً نهائياً في المعارك ضد شلل الأطفال و«الدودة الغينية»، ومنع حدوث المجاعة في جنوب السودان، وتقدماً بخصوص لقاحات الملاريا وفيروس «إتش آي في»، إضافة إلى استمرار الدعم الأميركي للعلاجات. 4- العلم يفوق السياسة سرعة. ففي الكفاح ضد ارتفاع مستوى البحار والمحيطات، واستفحال الجفاف، وارتفاع حرارة كوكب الأرض، تحاول إدارة ترامب جعل الأمور أكثر سوءاً بالنسبة للأجيال المقبلة، وهو ما يعني أنه ينبغي أن نعلّق آمالنا على أشخاص آخرين وأشياء أخرى. ولكن ثمة أمنيات مناخية واقعية لـ2018. وآمل أن يزداد قلق الجمهور، وأن تواصل تكاليف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الانخفاض، وأن تصبح البطاريات أرخص وأقوى. كما آمل أن يشرع الأميركيون في تخصيص أكثر من 2% من أموالنا الخيرية لتغير المناخ. 5- الديمقراطية تزدهر. كانت السلطوية في تصاعد عام 2016 عبر كل من أوروبا والولايات المتحدة، وكان رد فعل الحركات الديمقراطية الصغيرة ملمحاً رئيسياً من ملامح 2017. فالشعبويون في فرنسا والنمسا وهولندا عانوا جميعهم من إحباطات. وهنا في الولايات المتحدة، أدت المقاومة إلى انتكاسات انتخابية لترامب وساعدت في الحفاظ على رعاية صحية محترمة لملايين الأميركيين. لكن تصاعد السلطوية يظل تهديداً رئيسياً، وسيتعين على المدافعين عن الديمقراطية حشد طاقة أكبر لـ2018. 6- أمنية خاصة: أتمنى أن ترتفع نسبة المشاركة في انتخاباتنا النصفية. فقد بلغت 42% فقط في الانتخابات النصفية الأخيرة (2014)، مقارنة مع أكثر من 60% في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهذا ليس أمراً صحياً. ومن بين المجموعات التي لديها فرص وإمكانيات أكبر لزيادة تأثيرها السياسي فئة من تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً (17% من المشاركة في 2014)، الآسيويون والأميركيون (27%)، واللاتينيون (27% أيضاً). وأختم بنبرة تفاؤل: آمل أن تجدوا جميعاً طرقاً للفرار من زمننا السياسي المرهق، إضافة إلى تكنولوجياتنا الرقمية المستهلكة جداً للوقت والتمتع بالحياة. -------------------- *محلل سياسي أميركي ------------------------ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»