لا شك في أن الخبر البارز الذي كتبه محرر «كريستيان ساينس مونيتور»، «إيون أوكارول»، خلال الأسبوع الجاري، جدير بالقراءة، إذ كشف من خلاله عن تطوير «هاتف ذكي رقيق» يمكن طيه ووضعه في الجيب! وبالطبع، تستحضر الأخبار التكنولوجية المدهشة «شغف الاستكشاف» فينا جميعاً، غير أن الأفكار الـ18 التي كشف عنها «أوكارول» في خبره تتناول أيضاً شيئاً أكثر أهمية ألا وهو: طبيعة التقدم الذي تم إحرازه. وتبدو الأخبار في كثير من الأحيان سلبية، لأن هذه هي الطريقة التي نتناول بها، نحن المجتمعات، مشكلاتنا. فعندما يُكسر شيء، تُحدث عجلة الأخبار صريراً مدوياً، ومن ثم تبدو المشكلات بلا حل، لأننا لم نحلّها بعد! غير أن أخبار «إيون» تعرض لقطات بشأن كيفية التوصل إلى حلول، فقد تم التوصل إلى أجهزة لتنقية المياه أكثر فاعلية وأرخص ثمناً، وأخرى لمكافحة الحريق بالموجات الصوتية، وذلك من خلال ربط تقدم المجتمع بمشكلاته من خلال أساليب جديدة، وفي كثير من الأحيان يحتاج ذلك إلى قفزة ذهنية مبدئية. فعلى سبيل المثال: توشك هولندا على إحداث ثورة زراعية، فتلك الدولة الصغيرة المكتظة بالسكان «محرومة من كل الموارد التي كان يُعتقد أنها ضرورية للزراعة على نطاق واسع»، بحسب تقرير لـ«ناشيونال جيوغرافيك»، ورغم ذلك فقد باتت في المرتبة الثانية، ولا تسبقها إلا الولايات المتحدة التي تفوقها مساحة بـ270 ضعفاً، كمصدر للغذاء من حيث القيمة، ويتساءل: التقرير كيف أمكن للهولنديين فعل ذلك على أرض الواقع؟ والإجابة هي أنهم وضعوا تصوراً جديداً للزراعة، فبالنظر صوب زراعة بمئات الأفدنة، أو إلى مزارع الدواجن التي تتسع لأكثر من 150 ألف دجاجة، بفضل التكنولوجيا المتطورة في هولندا، يدرك المرء أن هولندا «طلّقت ميراثها الريفي طلاقاً بائناً» وباتت تطبق أفكاراً تبدو أسطورية. وفي محور هذه الجهود «جامعة واجينينجين»، التي جعلت نفسها محوراً لـ«وادي الغذاء»، الذي يعتبر نظيراً زراعياً هولندياً لوادي «السيليكون الأميركي». وخلال الفترة التي عملت فيها مراسلاً في «منطقة خليج سان فرانسيسكو»، حيث يوجد «وادي السيليكون»، اندهشت عندما أدركت أن الأمر لا يتعلق فقط بالتكنولوجيا، وإنما يعتبر «وادي السيليكون» بمثابة «مصنع أفكار أميركا»، فهو معني بحل المشكلات، والتكنولوجيا أقوى وسيلة فعّالة لتلك الغاية. وبهذه الطريقة، لا بد أن تكون هناك «وديان» كثيرة في أرجاء العالم، فقد اختار «وادي الغذاء» على سبيل المثال حل مشكلة الإنتاج الغذائي. لكن كيف سيبدو «وادي السياسة»؟ حتى الآن، ظلت التكنولوجيا عاملاً سلبياً في السياسة الأميركية، من الأخبار الكاذبة إلى توجيه الخطاب عبر «تويتر»، غير أن الوسائل التكنولوجية المصممة بصورة جيدة تعرض فرصة أفضل لترسيخ نظام سياسي مطلوب في مواجهة تلك التحديات، من خلال «ديمقراطية أكثر تشاركية واستجابة وتثقيفاً، لكن ذلك النظام لم يُبتكر بعد!». وعلى سبيل المثال، عندما رد السياسيون مباشرة على التماسات المواطنين عبر الفيديو أو الرسائل النصية، كانت النتائج مذهلة، والمشجع هو أنه في كثير من الحالات تفعل الحكومة أكثر مما يدرك المواطنون بشأن قضايا يكترثون لها، ورسالة فيديو قصيرة تُرسل إلى شخص ما بصورة مباشرة عبر هاتفه الذكي كرد مباشر على أكثر القضايا المقلقة له، يمكن أن تجعل الناس يشعرون بأن أصواتهم مسموعة. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»