نحن معشر الصحفيين نعشق عادة التباهي بإحصاء عدد نقرات المتابعة للمقالات التي نكتبها، ومدى انتشار أعمدتنا على شبكة الإنترنت. من حقنا ذلك، ولكن دعوني اليوم أستعرض إخفاقاتي. وهذه الإخفاقات تتمثل في بعض المقالات التي كتبتها، ولم يقرأها أحد. حسناً، ليس لا أحد بالضبط. فأنا قرأتها، وكذلك أمي. وهذا كل ما هنالك. وتلك المقالات لم تكن بالضرورة هي أسوأ مقالات كتبتها، أو مقالات لا تزيد عن كونها مجرد عناوين جذابة لإغراء القراء للضغط على الرابط لقراءتها، وإنما كانت فقط من بين مقالاتي الأقل قراءة على الإطلاق. وقد تبين لي أن من قرؤوا هذه المقالات لا يزيد عددهم على 3 في المئة من إجمالي عدد من قرأوا المقالات الأفضل قراءة. وهناك استنتاج مزعج يمكن التوصل إليه من مجرد إلقاء نظرة عابرة على مقالاتي الأكثر قراءة، وتلك الأقل قراءة، وهي أن أي مقال عن ترامب كان يجتذب عدداً كبيراً من القراء، أما المقالات التي تتناول الشؤون الخارجية فكانت أقل جذباً للقراء بكثير. وليس مسموحاً لي أن أذكر هنا الأرقام الدقيقة، لأنها ملكية خاصة، ولكن أستطيع أن أقول إن عدد قراء مقالاتي التي أكتبها عن ترامب يزيد بمقدار مرتين في المتوسط على عدد قراء مقالاتي عن الشؤون الخارجية. وأوساط صناعة الأخبار، خصوصاً في شبكات التلفزة، تعرف أن أي شيء عن ترامب يجتذب عدداً كبيراً من المشاهدين، في حين أن المقالات التي تكتب عن الأزمات الخارجية تشتمل عادة على ثلاثية سيئة الحظ هي أنها صعبة في تغطيتها، وفي بعض الأحيان خطرة في نقلها، ولا تجتذب أيضاً في معظم الحالات الكثير من المتابعين قراءً كانوا أم مشاهدين. وفيما يلي تلخيص لمحتوى بعض تلك المقالات الأقل قراءة: - كيفن كوبر في طابور المنتظرين لإعدامهم في كاليفورنيا، ولكن قاضياً فيدرالياً يرى أنه ربما كان بريئاً، وأن الشرطة قد زيفت الأدلة ضده. فهو أسود، ولو كان أبيض، فإن هذا الحكم الجائر كان سيصبح أقل احتمالاً بكثير. يجب على الحاكم جيري براون مراجعة هذه القضية. - من ضمن المعايير التي يمكن الحكم بها على الكيفية أصبحت بها الصين أكثر قمعية، ذلك الخاص بالمعاملة الوحشية لـ «ليو شيا بو» الحاصل على جائزة نوبل وهو يحتضر. لقد كان هذا الرجل واحداً من الناس الذين أعجبتُ بهم أيما إعجاب، وكتبت له رسالة مفتوحة، لا أعرف ما إذا كان قد سُمح له برؤيتها قبل أن يموت أم لا. وما زالت زوجته الشجاعة «ليو شيا» أيضاً رهن الحجز التحفظي. - كان هناك فيديو، وليس عموداً، عن السياسة المشينة القائمة على إرسال لاجئي أميركا الوسطى إلى بلدانهم، لكي يواجهوا خطر الموت. وركزت في هذا الفيديو خاصة على قصة فتاة هندوراسية تدعى «إلينا»، عمرها لا يزيد على 14 عاماً، كانت قد أجبرت على الدخول في علاقة مع أحد أفراد العصابات عندما كان عمرها 11 عاماً فقط. وتجسد «إلينا» السبب الذي يجعلنا نقول إن اللاجئين يحتاجون إلى الحماية، قبل أي شيء آخر. - هناك الكثير من الناس ممن يشكّون أن المساعدات الإنسانية يمكن أن تكون لها نتيجة. حسناً، دعنا نقول إن بعضها ليس كذلك. ولكني أستطيع أن أقدم مثلاً ملهماً على المدى الذي يمكن به للمساعدات الإنسانية أن تلعب دوراً مؤثراً في تحويل مسار حياة البشر، وهو ذلك المثل المتعلق بأصحاب القدم الحنفاء، أي الذين يولدون بقدم مشوهة منذ الولادة تتجه فيها الأصبع للأعلى. ففي ليبيريا وأثناء رحلة قمت بها ضمن برنامج «اكسب رحلة» أظهرت كيف يمكن معالجة هذا المرض بسهولة، بدلاً من أن ينتهي الحال بالطفل المصاب لأن يصبح معاقاً، وغير قادر على الذهاب للمدرسة، أو الحصول على وظيفة، وذلك من خلال مقال عن هذه التجربة عنونته «مشاهدة المعجزات» - حاول ترامب تجويع الدبلوماسية، وتغذية المؤسسة العسكرية، في الوقت ذاته. وقد كتبت مقالاً عن ذلك، ذهبت فيه إلى أن هذا يمثل سياسة خطرة وقصيرة النظر. فالعديد من التهديدات التي تواجهنا يمكن التصدي لها بأقصى قدر من الفعالية، وبأرخص التكاليف، عن طريق الدبلوماسية والتعليم. ورأيت أن أكبر تهديد أمني واجهنا في السنوات الأخيرة كان فيروس «إيبولا»، وأننا لا نستطيع أن نقصف «إيبولا». لعلكم قد لاحظتم أن الخيط المشترك في الأعمدة التي ذكرتها كأقل الأعمدة قراءة، كان- وهو أمر محرج في الحقيقة- أنها ركزت على موضوعي العدالة أو الأبعاد الإنسانية، في حين حصلت أعمدتي عن ترامب كما قلت على أعلى نسبة قراءة. ولكني لم أيأس تماماً، لأن اثنين من أفضل أعمدتي من حيث عدد القراء في عام 2017 كانا عن زواج الأطفال في أميركا، وعن النفاق الديني في معارضة مشروع أوباماكير، وهذان الموضوعان يحتويان على خيط يتصل بالعدالة الاجتماعية. شكراً لكم جميعاً لقراءة أعمدتي في عام 2017 -حسناً دعونا نقول معظمها حتى لو كنتم قد تركتم القليل منها لي ولأمي. ودعونا نأمل أيضاً أن يكون عام 2018 عاماً يسوده الهدوء والسلام الذي لا يلقي في صدور كُتاب الأعمدة شيئاً يمكن أن يغضبوا بشأنه. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»