أعتقد أن الأمير محمد بن سلمان أراد إيصال فكرة واضحة ومحددة لأذهان الغربيين حين وصف في حواره الأخير مع صحيفة «نيويورك تايمز» المرشد الإيراني ب«هتلر الشرق الأوسط الجديد»، فهذا الوصف يسهّل فهم المسألة الخمينوية التي تكدّست فيها الأوراق حتى باتت عصية على الفهم خارج حدود هذه المنطقة. وأعتقد أيضاً أن محمد بن سلمان لم يجد شخصية أخرى ليصف خامنئي بها سوى هتلر، ذلك أن خامنئي مدرسة غطرسة لا نظير لها، والخمينية التي شارك في تأسيسها صارت على يديه أكثر جنوناً، وقد تكون أسوأ من النازية، خصوصاً أن الخمينية لم تُدفن بعد، ويعلم الله ما الذي تخبئه لشعوب المنطقة أكثر مما أظهرت، وما ستخلفه من دمار أكبر مما أوقعت. الفكرة التي أراد الأمير محمد بن سلمان إيصالها هي أن الأوهام الخمينية في العظمة والتفوّق تشبه الأوهام النازية، وأن ما تفعله الخمينية في الشرق الأوسط يشبه ما فعلته النازية في أوروبا، وأن مهادنة الخمينية أدت إلى تماديها وتوسعها، كما حدث مع هتلر الذي أخطأ الغرب حين حاول معه بالمحاورة والمهادنة والرخاوة حتى أخذ يبتلع أوروبا. ولا فرق بين حكومة فيشي في فرنسا التي كانت خاضعة للإملاءات الألمانية وتدار من برلين، وبين تنصيب خامنئي لمن يحكمون باسمه، كما في لبنان الأسيرة بيد حزب خامنئي، حتى أكد روحاني في خطاب علني بأنه لا شيء يجري في عدد من الدول العربية، وخصوصاً لبنان، من دون موافقة طهران. وما تركيز الخمينية على الخرافات والأحلام غير الواقعية، كتهيئة الأرض لظهور المهدي، وتحويل البيت الأبيض إلى مقر للعزاء، أو شراء أصوات الإعلاميين هنا وهناك واتخاذها أبواقاً، بعضها بشكل فاضح وغبي، وبعضها أذكى قليلاً، متخصصة فقط في الهجوم على خصوم الخمينية، أو تكرار الكلام على مدار العقود حول نصرة المستضعفين ومقارعة الإمبريالية العالمية والدعوة إلى الوحدة الإسلامية، أو الحرص على مخاطبة الجمهور العربي والإسلامي عبر وسائل إعلامه الكثيرة للتأثير عليها بالتضليل والأكاذيب والشعارات، فضلاً عن خطب خامنئي الطويلة والشهرية داخل إيران.. ما كل هذا إلا نسخة من أساليب الدعاية النازية التي كانت تدار بماكينة بروباغندا هائلة. ولعلّ أهم استنتاج من وصف خامنئي بهتلر الشرق الأوسط، أن المهمة التي أخذها السعوديون وحلفاؤهم على عاتقهم في التصدّي للمشروع الخمينوي، لا تقل أهمية وضرورة عن الدور التاريخي لقلة من القادة الشجعان الذين وقفوا ضد المشروع النازي.. وأن السعودية والإمارات وبقية الحلفاء عازمون وماضون في الوقوف بوجه الخمينية حتى في ظل المواقف المؤسفة لعدد من دول المنطقة المعنية هي أيضاً بالتصدي لزحف الإيرانيين، ما بين دولة تميل بشكل سافر نحو ملالي إيران، أي النظام القطري، ودول تلوذ بالحياد والنأي عن النفس كأنّ الأمر لا يعنيها، ودول تكتفي بإدانة الملالي واستنكار احتلالهم للدول العربية. المواجهة اليوم أفضل من الغد، وكانت أفضل لو حدثت بالأمس، والتردّد العربي كان يقابله طوال الوقت تقدّم الخمينية، وسياسة احتواء الملالي انتهت بضم أربع عواصم عربية إليهم.. لكن كما ذهبت النازية إلى قعر الجحيم، ستذهب الخمينية لتستقر أسفل منها.