رداً على أزمة «كارير»، عقب انتخابات العام الماضي، انتقدتُ إيثار الإدارة الجديدة لما وصفتُه بـ«رأسمالية الصفقة المؤقتة»، وأشرت إلى أن تلك الممارسة من سمات الدول النامية، وربما الولايات المتحدة في بداياتها، واعتبرت أنها لا تفضي إلى الرخاء والحرية والرأسمالية المرتكزة على حكم القانون. وكانت شركة «كارير» تعتزم إغلاق أعمالها في ولاية «إنديانا»، قبل تدخل الإدارة الأميركية، مستخدمةً سياسة العصا والجزرة، لمنعها من ذلك، بهدف الحفاظ على الوظائف داخل الأراضي الأميركية. وحتى الشهر الماضي، كانت هناك أمثلة على «رأسمالية الصفقة» أقلّ مما كنت أخشاه. لكن الشهر الماضي، اتخذت تلك السياسة منحى خطيراً تجاه الاستخدام الانتقائي للصلاحيات، ليس فقط لمكافأة الحلفاء السياسيين ولكن أيضاً لمعاقبة الخصوم. وأخشى أن تشجع تلك المكافآت الحكومية على المحسوبية وإهدار الموارد العامة، كما أن استهداف الخصوم قد يخيف المعارضين، ويهدد الديمقراطية. وهناك مثالان على ذلك، الأول: أن قانون الضرائب ينطوي على بند موجه للدخل الاستثماري لكبريات «الجامعات الخاصة الوقفية»، في حين أن الإيرادات التي تحققها تلك الخطوة كان من الممكن تعويضها من خلال زيادة المعدلات الضريبية للشركات من 20? إلى 20.03?، بحيث يكون التأثير على الإيرادات ضئيلاً. وربما هناك ما يدعو إلى مراجعة ضرائب المؤسسات غير الربحية، وإعادة النظر في أمور، مثل الدخل من الأعمال غير ذات الصلة، والمدخرات الزائدة، وتحويل الأموال للأرباح الخاصة، واستدامة الامتيازات. غير أن من الصعب أن نرى أي سياسات ضريبية ترتكز على مبدأ ثم تبرر التركيز فقط على كبريات «الجامعات الخاصة الوقفية» من دون «الجامعات الحكومية» أو دور الأوبرا أو المستشفيات. كما أنه مثلما أوضح عدد من الشخصيات البارزة في الكونجرس، فإن الهدف من وراء ذلك المقترح بسيط، فهم يعتقدون أنه آن أوان معاقبة تلك الجامعات بسبب موقفها من «المواقف الجمهورية»، ولابد كذلك من المضي قدماً فيما يعتبرون «تصويباً سياسياً». ولا شك في أن لديّ بعض التعاطف مع التخوفات المرتبطة بالتنوع الأيديولوجي في الجامعات، غير أن استغلال النظام الضريبي لمعاقبتها لا يتسق مع المبدأ الضريبي المنطقي، ومع فكرة المجتمع الحر. وإذا كانت القطاعات في المجتمع الأميركي ستصل إلى الاعتقاد بأنه لا يمكنها التحدث صراحة بشأن القضايا موضع الاهتمام العام خشية العقاب، فإن الديمقراطية الأميركية ستكون موضع تهديد. أما المثال الثاني: فهو استهداف وزارة العدل للاندماج المقترح لشركتي «إيه تي & تي» و«تايم ورنر» الإعلامية، الذي يثير الشك في مقاضاة انتقائية. وبالطبع، هناك دفوع قانونية مشروعة لمهاجمة صفقات من ذلك النوع، وكثيرون في أنحاء الطيف السياسي يطالبون بتطبيق قوانين منع الاحتكار، بيد أنه مرة أخرى، تثير الظروف في هذه الحالة الشكوك، لاسيما أن في الجوانب الأخرى من السياسات الحكومية كافة، تقف الإدارة في صف مزيد من الحريات للشركات لتفعل ما يحلو لها، والاعتماد على قوى السوق بدلاً من الانضباط التنظيمي. وعلاوة على ذلك، كان رئيس قسم مكافحة الاحتكار «ماكان ديلراحيم» يرى أن الصفقة لا تمثل مشكلة، ومن ثم انتشرت شائعات حول أن غضب «الجمهوريين» من قناة «سي إن إن»، المملوكة لـ«تايم ورنر»، يمكن أن يؤثر على الاندماج. وإذا كان الأمر كذلك، فأعتقد أن العقوبات الاقتصادية الانتقائية التي يقوم بها أعضاء الكونجرس بحق الخصوم السياسيين تمثل هجوماً ضد القيم الديمقراطية، وأتمنى أن يعارضها مجتمع الأعمال، وعلى الأقل، قليل من «الجمهوريين» في الكونجرس. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»