المستقبل.. تلك الكلمة التي حين ننطقها تتداعى في مخيلتنا الكثير من الصور والأحداث والأحلام التي تعيش فينا، هذا حين نتحدث عن مستقبلنا الفردي، ولكن حين نتحدث عن مستقبل وطن، فنحن لا نرتكز على الأحلام والأمنيات، بل لابد وأن تحول تلك الأحلام والأمنيات إلى خطوات فاعلة، وتمهيد لبناء المستقبل هذا الذي تحمله على عاتقك. منذ فترة قصيرة أُطلقت مئوية الإمارات 2071 فكانت الرؤية لمستقبل يمتد لخمسين عاماً للأمام، لنصل للعيد المئوي للاتحاد، ونحن أول العالم، هو طموح بوجدان كل إنسان يعيش على أرض هذا الوطن الغالي ولكن هل نتوقف عند درجة الطموح؟ فكثير من الأمم والمجتمعات توقفت خطواتها نحو المستقبل على الحلم والأمنيات وإطلاق الشعارات، ولكننا في دولة الإمارات العربية المتحدة لم نقف عند تلك الزاوية، بل خرجنا منها لمحيط العمل الدؤوب نحو تحقيق تلك الرؤية المستقبلية، قد لا نكون نحن جزءاً من حاضر ذلك الزمن، لكننا سنكون جزءاً من تاريخه الذي ساهم في تحقيقه وبنائه. وفور إطلاق المئوية، بدأت خطوات العمل تتوالى خطوة وراء خطوة من أجل نقل السعادة والرخاء لأحفادنا في مستقبل نبني فيه الإنسان أولا ًقبل أن نبني الجدران. فكان لابد وأن يصبح التعليم هو واحد من أهم المحاور الأربعة التي بُنيت عليها رؤية مئوية الإمارات فكيف يتسنى بناء الحضارة دون بناء الإنسان (العقل والروح والجسد). نحتاج لتعليم يعمل على بناء العقل وتشكيله على الابتكار والإبداع والاهتمام بالعلوم التكنولوجية والهندسة المتقدمة، فالعلم ركيزة بناء للمستقبل، ولا يمكن أن نحصل على أجيال عالمة ومبتكرة دون تعليم قائم على بناء العقول واستنهاض طاقات التفكير والإدراك والوعي، فكانت الخطوات الأولى نحو ذلك بإصدار قرار توحيد المناهج التعليمية في كل الدولة تحت إشراف وزارة التربية والتعليم والتي قدمت نموذجاً واعياً في رؤيتها لمستقبل التعليم في الإمارات والذي يلبي طموحات المجتمع. لابد وأن ندرك أن أهم عنصر في المعادلة التعليمية هو المعلم، فهو المسؤول عن بناء تلك العقول التي ستكون قيادات الفترات القادمة التي من خلالها سنحقق ذلك الطموح، فمن دون معلم قادر على مواكبة التطور العلمي والاجتماعي المتسارع في العالم لن نستطيع الوصول إلى حيث نحقق خطتنا الطموحة من أجل الريادة الحضارية في العالم، فمهما وفرنا من مصادر تعليمية، ومواد علمية متطورة، ومباني على أعلى المعايير العالمية من أجل تنمية تعليمية حقيقة، كل ذلك سيفقد قيمته مالم نوفر معلم واعي مبتكر وقادر على التعامل مع كل تلك المعطيات المتطورة، واستيعاب كل التغيرات الحديثة في العملية التعلمية وفي آليات التعلم وإتباع الطرق الحديثة في التعلم واستكشاف وتنمية قدرات الطلاب الابتكارية والإبداعية، حتى تكتمل معادلة تفوق العملية التعليمية وقدرتها على تقديم أجيال تحقق طموح الريادة للحضارة الإماراتية. نحن نعيش الآن فترة إرساء القواعد لتلك الرؤية الطموحة لمستقبل الإمارات، فلابد وأن ندرك جميعاً كأفراد ومؤسسات أن لنا دوراً كبيراً في إنجاح تلك الخطة العظيمة والطموحة وغير المسبوقة، فنحن نبني من أجل وطن، والوطن ليس هو الأرض والرمال فقط، الوطن هو الإنسان، فنحن نبني الإنسان اليوم من أجل إنسان الغد، ومن أجل أن يصبح المواطن الإماراتي نموذجاً تاريخياً في العطاء والبناء.. فعلى كل المؤسسات الخاصة العاملة على أرض الإمارات والأفراد، أن يكون لهم دور فاعل وإيجابي في تحقيق رؤية مئوية الإمارات 2071.