نشرت صحيفة «الاتحاد» في عددها الصادر يوم الـ26 من أكتوبر المنصرم، حواراً مع الدكتور فيصل عبيد العيان، نائب رئيس أكاديمية «ربدان»، تحدث فيه عن دور المليشيات الإرهابية في حروب المستقبل، خاصة بعد أن تغيرت مفاهيم الصراع في القرن الحادي والعشرين، وركز حديثه على المخاطر التي ستواجه العالم، خصوصاً البلدان العربية والإسلامية، في مواجهة مثل هذا الصراع، وعلى التحديات الكبيرة وغير التقليدية التي يتوجب على هذه الدول أن تستعد لها، خاصة أن دور المليشيات الإرهابية في هذه الحروب سيكون أكثر خطراً. فعدد الموجودة منها حالياً في الشرق الأوسط يفوق عدد الدول العربية، وهي موزعة على معظم الدول العربية، بهدف نزع الاستقرار منها، وتحويلها إلى كيانات غير وطنية. ويؤكد الدكتور العيان أن هذه المليشيات قادرة على تدمير مجتمعات، ولديها صبر ومنظومة مالية تختلف عما شاهدناه لدى تنظيم «القاعدة» الذي كان يعتمد على المتعاطفين والمتبرعين، إذ لديها خطوط متعددة للتمويل، ما جعلها أكثر تماسكاً من التنظيمات السابقة، كما أن الفرد فيها يعمل دون مركزية، ولديها نظام ضريبي، وسبايا، وتجارة غير أخلاقية، وبيع للنفط، وطرق للاستيلاء على البنوك ومقدرات الدول، وتجارة للآثار، علاوة على دعم من بعض الدول.. فضلاً عن خوض حروب بالوكالة، والعمل على أجندات مختلفة، كما أن لديها القدرة على إثارة خوف المجتمعات، وعلى عبور المحيطات والصحارى. لذلك يحذر الدكتور العيان من أن هذه التنظيمات لديها أذرع، وأسماء مختلفة، وهي تقوم بتجنيد الشباب، وتقوم الأسماء الجديدة بتجنيد أسماء أخرى.. بل إن لديها أجيالاً جديدة أكثر تطور وعنفاً وإمكانيات تكنولوجية وقدرة على اختراق وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تستخدم شبكات التواصل الاجتماعي لشن حروبها الكلامية، وإثارة العنف في المجتمع، وتجند التابعين لها، خاصة من الشباب، مستخدمة وسائل وأساليب مختلفة، أهمها الطرق الناعمة والدعوات العاطفية العادية واستغلال مشاعر السخط الاجتماعي والاقتصادي في مجتمعات بعينها، خاصة لدى الشباب الذي لا يجد فرصاً للعمل والعيش الكريم. هذا الدور الخطير الذي تحدث عنه الدكتور فيصل العيان يحتم علينا الانتباه لخطر المليشيات الإرهابية، ووضع استراتيجيات دقيقة، أمنياً واجتماعياً واقتصادياً وفكرياً وسياسياً، للتعامل معه بدقة وحرص، قبل أن يستفحل خطر هذه المنظمات الإرهابية في مجتمعاتنا ودولنا، لأن خطورتها تكمن في اعتناقها فكرة العنف كأساس لرؤيتها، كما أن لديها قواسم مشتركة مع عصابات الجريمة المنظمة، لذلك فهي تتبع الأسلوب المسلح كأساس لتوجهاتها الأيديولوجية، مدعية أنها على صواب وغيرها على خطأ. وحسب الباحث سمير عطاس، رئيس «منتدى الشرق الأوسط للدراسات»، فإن هذه التنظيمات الإرهابية تستخدم وحدات خاصة للعداء الفكري لتغيير معتقدات أعضائها جذرياً، بما يناسب لغة القتل والعنف والرعب التي تستخدمها، كما تستغل النزعة الدينية والمشاكل التي يعانيها الأشخاص المستهدفون بالاستقطاب من جانبها، وتستثمر الصراعات الطائفية والعرقية والدينية، وتركز القيادات فيها على مرحلة الإعداد، والتي يؤخذ فيها بالاعتبار المستوى التعليمي والفكري والثقافي والاقتصادي للعنصر، وموقفه من الآخر، ومدى قبوله ورفضه. وتستغل التنظيمات المتطرفة الظروف المادية والنفسية والجنسية للعنصر تحت الإعداد، ويجري إغراؤه عبر وعود بالجنة والحور العين. وفي ذلك الأثناء أيضاً يتم تأهيل العنصر نفسياً وجسمياً للقيام بأعمال العنف والقتل واستحلال الحرام دون أي شعور بالذنب. وقد تحمّل الاقتصاد العربي والإسلامي من جراء أعمال هذه التنظيمات والمليشيات الإرهابية خسائر كبيرة وباهظة، تقدر بمئات المليارات من الدولارات، كما تسببت في زيادة حالة الفقر والتضخم والبطالة في الوطن العربي.