أعلن «ستانلي فيشر» يوم الأربعاء الماضي أنه سيغادر مهام منصبه كنائب لرئيس «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» (البنك المركزي الأميركي). ولا شك في أن النظام النقدي الدولي سيصبح أضعف بسبب استقالته من مسؤوليته الرسمية.. إنها نهاية عصر وبداية آخر. و«ستانلي» شخص متفرد في ذلك المجال، فأثناء عمله كأستاذ في معهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا»، شارك مع صديقه المقرب «رودي دورنبسك» في تأليف كتاب يُدرّس في الجامعة عن الاقتصاد الكلي وضع أساسيات ذلك المجال على مدار جيل كامل. وقد كانت محاضراته نماذج للبيان الواضح والحكم المتوازن. ورؤيتي للاقتصاديات النقدية تشكلت بخبرتي من المراجعة في صفه في خريف عام 1978. وجحافل عظماء البنوك المركزية، بداية من «بين برنانكي» و«ماريو دراغي»، لم يتتلمذوا على يديه فحسب، ولكنهم كانوا من مريديه. ولو توقف الأمر عند ذلك الحد لكفاه، ولكن «ستانلي» خرج من «معهد ماساتشوستس» إلى البنك الدولي ككبير للاقتصاديين. وعندما خلفته في المنصب، شاهدت قدراً هائلاً من الاحترام الذي اكتسبه بين جميع خبراء الاقتصاد في البنك. وعندما احتاجت وزارة الخزانة الأميركية إلى ترشيح نائب لمدير صندوق النقد الدولي «مايكل كامدسوس»، كان من الواضح بالنسبة لي أن «ستانلي» هو الخيار الصحيح. وفي نهاية المطاف شكّل «كامدسوس» و«ستانلي» شراكة وثيقة أبحرت بالعالم عبر الاضطرابات التي شهدتها الأسواق الناشئة في تسعينيات القرن الماضي. وعلى الرغم من أن وزراء المالية في العالم النامي كافة كان لديهم تناقض وجداني تجاه صندوق النقد الدولي، إلا أنهم جميعاً احترموا «ستانلي» ووثقوا فيه وطلبوا مشورته. وبالتأكيد، سيخسره البنك المركزي الأميركي، وفي عالم عادل، كان شخص مثل «ستانلي» سيتولى منصب رئيس «البنك»، أو مديراً لصندوق النقد الدولي، ولكنه القدر، فلم يُكتب له ذلك. غير أن «ستانلي» من خلال تدريسه وكتاباته ونصحه وقيادته، كان له تأثير كبير على السياسات المالية العالمية أكثر من أي شخص في جيله. ومئات الملايين من الناس عاشوا حياة أفضل بسبب جهوده. وقد كان شرف لي أن أكون تلميذا له طوال العقود الأربع الماضية، ومن المبهج أيضاً أن أكون صديقه طوال تلك العقود. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»