في إطار الجهود المبذولة من أجل تعزيز العلاقة بين الجهات الخدمية والمجتمع وتوطيد وشائج اللحمة بين الفاعلين الاقتصاديين وعامة الناس، تأتي المبادرة الجديدة التي كشفت عنها وزارة الاقتصاد بالدولة مؤخراً، والتي تتضمن 11 مبادرة لتعزيز المسؤولية المجتمعية لدى قطاع الأعمال ضمن مسار المسؤولية الاجتماعية للشركات، وهو ما يستجيب بشكل مباشر للاستراتيجية الوطنية لعام الخير، الرامية إلى إشراك كل القطاعات والمؤسسات في هذا المجهود الإنساني النبيل الذي ما زالت أنشطته تتعدد وتتوسع يوماً بعد آخر. فالمبادرات التي تم إطلاقها شملت حوافز وتسهيلات وامتيازات مالية لتطوير بيئة داعمة ومحفزة للشركات للالتزام بأداء مسؤوليتها المجتمعية، وتسعى لتأسيس قاعدة بيانات وإيجاد أدوات مناسبة للدولة لقياس نسبة التطوير والتزام الشركات في هذا الصدد من خلال إطلاق «منصة ذكية»، و«مؤشر وطني» يرصد ممارسات الشركات المنخرطة في المبادرة، فضلاً عن إطلاق «علامة المسؤولية المجتمعية» و«جواز المسؤولية المجتمعية»، والذي سيمنح تكريماً للشركات المتميزة في العطاء المؤسسي، إلى جانب إطلاق الإحصاءات الوطنية حول المسؤولية المجتمعية، وتنظيم الإعلان السنوي لنتائج المسؤولية المجتمعية، والامتيازات المالية للشركات المسؤولة اجتماعياً، والإفصاح الإلزامي للمسؤولية المجتمعية، والمشتريات المسؤولة والمنتدى التنسيقي للمسؤولية المجتمعية. أما هدف هذه المبادرات فقد تحدد من خلال ما تطمح إلى إنجازه في المدى القصير على المستوى الميداني، وهو دعم تفاعل القطاع الخاص مع القضايا والتحديات التنموية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ودعم المشاريع المجتمعية المختلفة في الدولة، وتوفير البيئة المحفزة لها، وذلك بغية جمع مبلغ لا يقل عن 500 مليون درهم كإجمالي قيمة المساهمات النقدية والعينية للشركات لتعزيز التزامها بالمسؤولية المجتمعية خلال عام 2017. هذا دون إغفال الجوانب المتعلقة بالتوعية والتأطير، حيث ستشهد الفترة المقبلة تعريف الشركات ومجتمع الأعمال المحلي بمفاهيم المسؤولية الاجتماعية، بالتزامن مع استعراض الإجراءات الخاصة بالتسجيل وآليات المشاركة في برامج مسار المسؤولية الاجتماعية للشركات، حسب ما شرح وزير الاقتصاد معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري. الوزير شرح على هامش افتتاح أعمال الدورة الأولى من «الإعلان السنوي لنتائج المسؤولية المجتمعية للشركات 2017»، التي انطلقت في دبي الاثنين 12 يونيو الجاري، أنه تم إطلاق برامج تشمل آليات لقياس قيمة المساهمات الاجتماعية للشركات، سواء أكانت مالية أم عينية أم غيرها، بالإضافة إلى تحديد حجمها ومقارنتها بمبادرات الشركات والقطاعات. كما بيّن معاليه أن أهمية إشراك الشركات في البرامج، في ظل متطلبات الإفصاح عن المساهمات المجتمعية التي تقدمها، تسهم في تطوير قاعدة بيانات إحصاء للدولة والمجتمع، وهو ما سيسهم في تعزيز تصنيف الدولة عالمياً، لأن تقرير التنافسية العالمية يضم مؤشراً خاصاً بالمسؤولية الاجتماعية. إن إعلان عام الخير الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أسهم بشكل فعال في إطلاق العديد من المبادرات الإنسانية والتنموية داخل الدولة، كما حرّك لدى المواطنين والمؤسسات مشاعر العطاء وقيم البذل والإيثار، فكان لذلك تداعياته الكبيرة على المستويين المحلي والدولي، ليضاف إلى جهود عظيمة دأبت دولة الإمارات العربية المتحدة على القيام بها منذ سنوات، وكان لها أثر مباشر في العديد من الشعوب والدول. إلا أن الجديد في سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة في العمل الخيري بات يستند إلى إشراك المواطن ومختلف المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية في الجهود الرسمية، وذلك ترجمة لطبيعة العلاقة الوطيدة التي تربط بين القيادة والشعب، وهي علاقة تتسم بالثقة والمحبة والتفاعل الإيجابي. وليس إطلاق مبادرات تعزيز المسؤولية المجتمعية الحالية سوى تأكيد لذلك النهج. فإلى جانب الدور الاقتصادي البارز للشركات، فإن الحكومة باتت ترغب في توسيع نشاطاتها الاجتماعية من خلال رفع الوعي بشأن قيم المسؤولية المجتمعية وإطلاق شراكة تنموية مستدامة بين القطاعين العام والخاص، وتشجيعها على تطبيق نظم عمل المسؤولية المجتمعية، وتنظيم وتوجيه مساهماتها نحو المشاريع التنموية المجتمعية. ــ ـ ــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.