في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، قتل إرهابيو القاعدة 3000 من المدنيين الأبرياء على الأراضي الأميركية، بينما كان هؤلاء الإرهابيون تحت حماية نظام «طالبان» في أفغانستان. ورداً على هذا الهجوم، انتشرت القوات الأميركية وقوات «الناتو» في أفغانستان لملاحقة المسؤولين عن هذا الهجوم وضمان أن أفغانستان لن تكون ملاذاً بعد الآن للإرهابيين. ومنذ ذلك الحين، ضحى أكثر من ألفي جندي أميركي وما يزيد على ألف من قوات حلفائنا في الناتو بحياتهم من أجل تنفيذ هذه المهمة. وبعد أكثر من عقد ونصف من الحرب، قال الجنرال «جون دبليو نيكلسون»، قائد القوات الأميركية وقوات التحالف في أفغانستان، للجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الشهر الماضي إن الحرب في أفغانستان قد وصلت إلى طريق مسدود. وأوضح أنه يتعين على الرئيس دونالد ترامب وإدارته التعامل مع أفغانستان بنفس الأهمية التي يتعاملون بها مع تنظيم «داعش»، وإلا فإن هذا المأزق معرض لخطر الإنزلاق إلى فشل استراتيجي. وخلال هذا الشهر، قامت حركة «طالبان» بهجومين انتحاريين متزامنين في كابول، ما أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من أربعين آخرين. وفي شمال أفغانستان، سيطرت «طالبان» على منطقة أخرى. وتأتي هذه الانتكاسات في أعقاب خسائر مقلقة في جميع أنحاء البلاد. وقد أكد الجنرال نيكلسون مؤخراً تقريراً للمفتش العام يفيد بأن الحكومة الأفغانية تسيطر أو تفرض نفوذها على 57% فقط من مقاطعات البلاد، مقابل 72% منذ عام واحد فقط. إن الأفغان، من دون شك، يقاتلون بشراسة للدفاع عن بلادهم من أعدائنا المشتركين. وفي نفس الوقت، يجب أن ندرك أن الولايات المتحدة لا تزال في حرب في أفغانستان ضد الأعداء الإرهابيين، الذين هاجموا أمتنا في 11 سبتمبر، وورثة أيديولوجيتهم. ويجب كذلك أن نعمل وفقاً لذلك. وللأسف، في السنوات الأخيرة، كبلنا أيدي قواتنا في أفغانستان. وبدلاً من محاولة الفوز، استقر بنا الحال على محاولة عدم الخسارة. لقد رأينا مراراً وتكراراً انسحاب القوات الذي يبدو أنه يتعلق بالسياسة الأميركية أكثر من الأوضاع على الأرض. والثبات على «مستويات إدارة القوات» في أفغانستان، وكذلك في العراق وسوريا، يبدو أنه يتعلق أكثر بعدد القوات وليس بقياس النجاح. ومن ناحية أخرى، كانت السلطات مقيدة للغاية. حتى الصيف الماضي، كان جيشنا ممنوعاً من استهداف «طالبان»، إلا في الحالات القصوى، ما كان يرفع الضغط عن المسلحين ويسمح لهم بإعادة تنظيم صفوفهم والهجوم مرة أخرى. وفي الواقع، بينما كنا نحارب تنظيم «داعش» في سوريا والعراق، كانت السلطات في أفغانستان مقيدة لدرجة أن الأمر استغرق عاماً كاملاً قبل منح القوات الأميركية السلطة لضرب مسلحي الجماعة في أفغانستان. وبينما استقر بنا الحال على اتباع استراتيجية «عدم الخسارة» ازدادت المخاطر، سوءا بالنسبة للقوات الأميركية أو القوات الأفغانية مع ازدياد التهديدات الإرهابية. وأصبحت حركة طالبان أكثر فتكاً، وقامت بتوسيع نطاق سيطرتها الإقليمية وألحقت خسائر فادحة بالقوات الأفغانية. وقد قيل إنها فعلت ذلك بمساعدة من إيران وروسيا، اللتين لا تريدان شيئاً أكثر من رؤية فشل الولايات المتحدة في أفغانستان. ويواصل تنظيم «القاعدة» و«شبكة حقاني» تهديد مصالحنا في أفغانستان وخارجها. أما تنظيم «داعش»، فيحاول إقامة ملاذ آخر يستطيع منه التخطيط وتنفيذ الهجمات. وعلاوة على ذلك، فإن الجهود الأميركية لمواجهة هذه التهديدات الإرهابية يتم إحباطها بشكل مستمر من قبل مكامن الإرهاب في باكستان والتي تستخدم لشن هجمات عبر الحدود وقتل أفراد القوات الأميركية. وقد ساعد تدهور العلاقات بين باكستان وأفغانستان إلى جعل هذه المشكلة أكثر صعوبة. إن ترامب أمامه فرصة مهمة لفتح صفحة جديدة، وأن يأخذ زمام المبادرة وينقل المعركة إلى أعدائنا الإرهابيين. وفي سبيل تحقيق ذلك، يجب أن تنسق الولايات المتحدة بين الأهداف والوسائل والطرق في أفغانستان. وهدف الولايات المتحدة في أفغانستان الآن هو نفس هدفها عام 2001: منع الإرهابيين من استخدام أراضي الدولة للهجوم على وطننا. إننا نسعى إلى تحقيق هذا الهدف من خلال تعزيز الحكم الأفغاني والمؤسسات الأمنية حتى تصبح قادرة على الاعتماد على نفسها والدفاع عن بلادها وهزيمة أعدائنا الإرهابيين المشتركين بمساعدة أقل من الولايات المتحدة. والقيام بذلك بنجاح يتطلب وجود العدد المناسب من الناس في الأماكن الصحيحة مع السلطات المناسبة والقدرات المناسبة. وتقديرنا، الذي يستند إلى محادثاتنا مع القادة على الأرض، هو أن استراتيجية من أجل النجاح ستتطلب قوات إضافية من القوات الأميركية وقوات التحالف وسلطات أكثر مرونة. وعلاوة على ذلك، فإن هذا يتطلب دعماً مستمراً من قوات الأمن الأفغانية، لا سيما القدرات الهجومية مثل العمليات الخاصة والدعم الجوي الوثيق اللازم لكسر هذا الجمود. لقد كانت الولايات المتحدة في حرب في أفغانستان لما يقرب من 16 عاماً. وبسبب ضجر بعض الأميركيين من هذا النزاع الطويل، بات من الضروري أن نعمل جاهدين على إنجاح مهمتنا. لقد رأينا ما يحدث عندما نفشل في أن نكون يقظين. إن التهديدات التي نواجهها حقيقية. كما أن المخاطر عالية - ليس فقط بالنسبة لأرواح الشعب الأفغاني، وتحقيق الاستقرار في المنطقة، بل أيضا بالنسبة للأمن القومي الأميركي. جون ماكين* وليندسي جراهام** *رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ (جمهوري - أريزونا) ** عضو في اللجنة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»