ترامب والهجوم على الإعلام
أثناء حديثه إلى القيادة المركزية الأميركية يوم الاثنين، خرج ترامب عن سياق تصريحاته المعدة مسبقاً ليتهم وسائل الإعلام بأنها تتستر عمداً على أخبار الهجمات الإرهابية.
وقال ترامب للقادة العسكريين «لقد رأيتم ماذا حدث في باريس وفي نيس وفي أوروبا بأسرها. لقد بلغنا مرحلة لم تعد فيها وسائل الإعلام تغطى أخبار الاعتداءات». وتابع «هناك حالات كثيرة لا تريد فيها الصحافة غير النزيهة بالمرة أن تغطي هذه الهجمات»، مؤكدا أن وسائل الإعلام هذه «لديها أسبابها وأنتم تعرفونها جيداً».
هذا التعليق يعود بالذكرى إلى تصريحات كبيرة المستشارين «كيليان كونواي» على قناة/إم إس إن بي سي/ الأسبوع الماضي، عندما قالت، «أراهن أنها معلومات جديدة تماماً بالنسبة للناس أن الرئيس أوباما قد فرض حظراً لمدة ستة أشهر على برنامج اللاجئين العراقيين، بعد أن جاء عراقيان إلى الولايات المتحدة، واعتنقا الفكر المتطرف، ثم خططا لمذبحة بولينج جرين». وأضافت «معظم الناس لا يعلمون بالأمر لأنه لم يحظ بتغطية إعلامية».
لقد كانت معلومات جديداً تماماً بالنسبة للناس، لأنه لم يكن هناك «مذبحة بولينج جرين». قد أشارت «كونواي» في وقت سابق إلى ما يفترض أن يكون هجوماً إرهابياً، وذلك في معرض ردها على سؤال طرحه موقع «تي إم زد»، إلا أن العراقيين الذين تم اعتقالهما في «بولينج جرين»، بولاية كنتاكي عام 2011، لم يرتكبا أي هجوم في الولايات المتحدة. واعترفت «كونواي» فيما بعد أنها أخطأت القول. ورغم ذلك، فإن تعليقات ترامب تذهب لأبعد مما قالته «كونواي». وتصريحها بأن «الأمر لم يحظ بتغطية إعلامية» ربما كان يشير إلى «حظر الستة أشهر» المزعوم الذي فرضته إدارة أوباما. إن ترامب يفترض أن وسائل الإعلام تتستر على أخبار الهجمات الإرهابية لتلبي أجندة سياسية.
من المؤكد بالطبع أنه ليس كل هجوم إرهابي يحظى بتغطية واسعة في وسائل الإعلام الوطنية. وقد بحث موقع «فايف ثيرتي ايت» احتمال أن تغطي صحيفة «نيويورك تايمز» أخبار حادث إرهابي وقع في دولة أجنبية، وبحث في التغطية الإعلامية لـ 40129 حادثاً وقع خلال الفترة من 1968-2009. ليس كل حادث إرهابي وقع خلال تلك الفترة تمت تغطيته إعلامياً.
ويتماشى تعليق ترامب إلى حد كبير مع تصريحات أدلى بها أوباما في شهر يونيو. وقد سبق أن علق ترامب على استجابة أوباما للهجوم على ملهى للمثليين في أورلاندو، قائلاً، «انظروا يا رفاق، إننا يقودنا رجل إما أنه ليس قوياً، أو ليس ذكياً أو أنه يفكر في شيء آخر. إن الناس لا يصدقون أن أوباما يتصرف بهذه الطريقة ولا يستطيع حتى ذكر عبارة إرهاب الإسلام الراديكالي. هناك شيء ما يحدث».
والمعنى الضمني الواضح هو أن أوباما يأخذ جانب الإرهابيين.
لم يقل ترامب، إن وسائل الإعلام كانت تقف إلى جانب الإرهابيين، ولكن مجرد أن وسائل الإعلام تتجاهل الإرهاب إذا كان هذا سيجعل ترامب يبدو سيئاً.
ومن المثير للاهتمام، أن ترامب نفسه تجاهل حادث إطلاق النار الجماعي الذي وقع في مسجد في مدينة كيبيك الكندية الأسبوع الماضي، وأودى بحياة ستة أشخاص. وقد ذكر المتحدث باسم البيت الأبيض «شون سبايسر» لوسائل الإعلام أن حديثاً قد دار بين الرئيس ورئيس الوزراء الكندي. واستشهد «سبايسر» بالهجوم على أنه يثبت صحة سياسات ترامب بشأن الهجرة.
فيليب بامب*
*محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»