حذر المفكر السياسي «إدموند بورك» ذات مرة من أن «الشيء الوحيد اللازم كي ينتصر الشر هو أن لا يفعل أهل الخير شيئاً»! وقد تذكرت كلمات «بورك»، بينما أتابع سلوكيات قادة قطاع الأعمال الأميركيين في «منتدى الاقتصاد العالمي» في منتجع «دافوس» السويسري خلال الأيام القليلة الماضية. فرغم أنهم يدركون ما هو أفضل، لكن في تصريحاتهم العلنية، تبنوا سياسات الرئيس الأميركي الجديد. وأتفهم بل وأتعاطف مع الضغوط التي يشعرون بها، فقد اعتدت أن أذكّر زملائي في إدارة أوباما بأن «الحذر هو أرخص أشكال التحفيز». وثمة حاجة واضحة إلى إصلاح ضرائب الشركات، ولتخفيف بعض القواعد التنظيمية، ولسلوك حكومي أكثر إيجابية مع قطاع الشركات. بيد أن الشركات التي وقفت في الجانب الخاطئ من الرئيس الجديد، خسرت مليارات الدولارات في ستين ثانية بسبب «تغريدة». ولا يمكن لشخص أن يأمل في التأثير على أي إدارة ثم يدير ظهره لينتقدها. ورغم ذلك، أشعر بالانزعاج من مشهد تدافع الممولين، الذين كانوا قبل ثلاثة أشهر يخبرون الجميع بأنهم لن يعملوا مع أيٍّ من شركات ترامب، ليمتدحوا الإدارة الجديدة، ومن عدم رغبة قادة قطاع الأعمال، الذين كانوا يتفاخرون بجهودهم المؤسسية لتعزيز دور المرأة والأقليات، في قول أي شيء تجاه التعصب الذي روَّجت له الحملة الانتخابية. وأشعر كذلك بالانزعاج من إخفاق قادة الشركات العالمية في التفوه بكلمة انتقاد واحدة إزاء الجهود الأميركية التي تشجع على تفكيك الكيان الأوروبي، والابتعاد عن النظام العالمي المنفتح، وكذلك تردد قادة قطاع الأعمال ممن لديهم مصلحة كبيرة في النظام العالمي الحالي في انتقاد التصريحات الاستفزازية تجاه الصين أو المكسيك أو الشرق الأوسط. والأشد غرابة أن هناك رغبة لدى كثيرين في امتداح مرشحي ترامب الذين يروّجون للحمائية لا لشيء سوى أن لديهم خلفية في قطاع الأعمال. ولديَّ اختلافاتي مع السياسات الاقتصادية للإدارة الجديدة، وأشك في أن ارتفاع الأسواق الأخير والإحصاءات الاقتصادية ناجمة عن معطيات حقيقية، وإن اختلف معي أشخاص أصحاب رأي أكنّ لهم احتراماً، فالوقت وحده سيكشف مَن على صواب. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»