لا شك أنه سيكون من العار اعتبار شخص بمكانة وكفاءة ومؤهلات مدير شركة «إيكسون موبيل»، ريكس تيلرسون، غير أهل لتقلد منصب حكومي. ولا شك أيضاً أن التعيينات في المناصب الحكومية ينبغي ألا تظل حكراً على السياسيين والمحامين والمصرفيين والأكاديميين. لذلك، فمن شأن المصادقة على تعيين تيلرسون في منصب وزير الخارجية أن يساهم في توسيع الممر الضيق الموجود حالياً بين قطاع الشركات الأميركية والفرع التنفيذي للحكومة. لقد أفادت العديد من وسائل الإعلام أن تجربة تيلرسون في العمل لحساب شركة عالمية أكسبته مهارات دبلوماسية وعلاقات مفيدة مع زعماء أجانب، أثّرت في رؤيته للعالم. غير أنه تجدر الإشارة أيضاً إلى أن تيلرسون، وكمدير تنفيذي لـ«إكسون موبيل»، اضطر إلى تعلم أشياء كثيرة أخرى غير النفط واستخراجه ومعالجته، خاصة حول سياسة الطاقة، والسياسات التنظيمية، والمالية العالمية، ومواضيع العملة، وسياسات العمالة، ناهيك عن السياسة البيئية. وباعتباره شخصية عامة بشكل من الأشكال، فإن تيلرسون تحدث ويتحدث بشكل دوري من على المنصة، ويجيب عن أسئلة مديري جلسات نقاش أذكياء، ويتعامل مع وسائل الإعلام. وإلى ذلك، فإن لديه تجربة الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس. وباختصار، لا يسعني أن أفكر في شخص آخر خارج الحكومة يملك علاقات ذات صلة بمنصب وزير الخارجية أكثر تنوعاً منه. معارضة اليسار لتيلرسون ستستند إلى كونه قادماً من شركة نفطية. لكن الأشخاص الذين لا يريدون خط أنابيب «كيستون إكس إل» أو خط أنابيب «داكوتا أكساس»، ويعارضون التنقيب أو القيام بعمليات التكسير الصخري في أي مكان، ويعتقدون أن تخليص الاقتصاد من مسببات إنتاج الكربون أمر ممكن.. هم الأشخاص أنفسهم الذين سيتزعمون المعركة ضد تثبيت تيلرسون. والحال أنه لا يوجد شيء يستطيع تيلرسون قوله يمكنه إرضاء هؤلاء الأشخاص. كما أن متزعمي حملة التحذير من تداعيات الاحتباس الحراري يتناولون موضوع التغير المناخي بتعصب شبه ديني. فهم مجموعة لا صبر لها على من لا يشاطرونها الأحكام الدكتاتورية المطلقة لديانتها البديلة. وأنا واثق بأنهم يمنّون النفس بأن يجدوا في الكشف المالي لتيلرسون أو خلفيته الشخصية سبباً للصراخ والاعتراض عليه. ولا شك أنهم يأملون أن تقع قدمه على قشرة الموز خلال جلسات التثبيت ويسقط في الفخ بسبب أسئلة تتعلق بالاحتباس الحراري الذي يتسبب فيه البشر و«الحقائق العلمية المحسومة» حول تغير المناخ. لكن هذه المواضيع ليست جديدة، وأي مدير شركة نفطية تقريباً مستعد لتقديم إجابات كاملة ونزيهة عن أسئلة تتعلق بانبعاثات الكربون وارتفاع حرارة الأرض. والواقع أن تيلرسون بشكل خاص ربما كرّر الأجوبة عن هذا النوع من الأسئلة بما يكفي لدرجة أنه بات يستطيع الإجابة عنها وهو نائم. كما أن الأشخاص الذين يعرفونه يقولون إنه شخص هادئ ورزين وصبور. لذلك أستبعدُ أن ينال منه الديمقراطيون أو يجعلوه يتصبب عرقاً خلال جلسات الاستماع الخاصة بتثبيته في منصبه. وخلاصة القول هي أن الشركات الأميركية الكبرى، مثل «إيكسون»، تستقطب المواهب الكبيرة. والعمل في منصب قيادي على رأس شركة أميركية يكسب المرء فهماً جيداً، وتجربة مفيدة، ومهارات إدارية، وخبرة لا تستطيع أن تضاهيها شركات المحاماة والكليات الجامعية. وسيكون من المحزن جداً أن ينجح ديمقراطيو مجلس الشيوخ في محاربة هذه المواهب الكبيرة والمذهلة عبر عرقلة تعيين تيلرسون ليكون وزير خارجيتنا المقبل. إد روجرز مستشار سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرغ نيوز سيرفس»