واجهت القمة العربية الإفريقية الأخيرة تحدي مشكلة الصحراء. وعند اعتراف منظمة الوحدة الإفريقية السابقة في ثمانينيات القرن الماضي بما يسمى «الجمهورية الصحراوية» انسحب المغرب منها... وما زال السؤال: كيف يمكن حل هذا الإشكال؟ لقد تأثرت القمم الأفريقية في مرات سابقة بالمشكلات الداخلية في بعض دول القارة، وعلى سبيل المثال فقد كان هذا هو الحال مع قضية تشاد في سنوات الثمانينيات، مما أدى إلى انفضاض القمة الإفريقية في طرابلس حوالي 1984، بسبب الخلاف حول مَن يُدعى من التشاديين، الحكومة أم المعارضة! وقريباً من ذلك كانت مشكلة جنوب السودان، هل هو انفصالي، تدعمه هذه أو تلك من الدول الإفريقية أو العربية المجاورة، أم الأَوْلَى الانخراط في محاولة حل تشرف عليها مجموعة «الإيجاد» في شرقي القارة، أم تنقسم الدول العربية والإفريقية حول شخصية قوية مثل الزعيم «قرنق» وشعب الجنوب المتمرد لعدة عقود؟ وليست مشكلة الصومال العربية بأقل حدة هي أيضاً منذ قاد سياد بري جيوشه ليحتل الجزء الشرقي من إثيوبيا «الأوجادين» بتأييد دول عربية بالطبع ورفض الكثيرين من حول إثيوبيا لهذا السلوك المدفوع من الغرب ضد نظام «مانجستو» المدعوم من الشرق! ثم كانت «كامب ديفيد» ودخلت مصر بثقلها لتعويض الرفض العربي بالضغط الدبلوماسي في إفريقيا، التي انقسمت بدورها حول دعم الحل الأميركي الإسرائيلي أم رمزية تنازل مصر عن جوهر الصراع مع إسرائيل الموسومة في خانة الاستعمار الجديد منذ عام 1961؟ حتى وصلنا لظاهرة الإسلام السياسي والتطرف الديني، والجماعات الإرهابية من أقصى شرقي القارة إلى غربها، وهو التحدي الذي أصبح ظاهرة عالمية ولم يقتصر على العرب والأفارقة فقط! ومع هذا فكثير من النزاعات الإفريقية- الإفريقية، تم حلها دون مشاكل.. منذ النضال ضد الأبارتيد حتى مشاكل نيجيريا أو الكونغو أو زيمبابوي.. إلخ. وقد طرح المغرب مؤخراً خيار العودة إلى الاتحاد الإفريقي ولاقى ترحيباً لافتاً على مستوى القارة! وزار ملك المغرب في نفس الأسبوع ست دول إفريقية. ويستثمر المغرب ويتبادل مع إفريقيا بما يصل تقريباً إلى أكثر من 20 مليار دولار. وقد انفجرت المشكلة في القمة العربية الإفريقية الأخيرة بسبب عَلَم ما يسمى «الجمهورية الصحراوية» الذي رُفع على كرسي خالٍ، نتيجة مساعي غينيا الاستوائية. وكان السلوك لافتاً من قبل الأفارقة الذين وقَّع أكثر من عشرين منهم منذ مدة نداء لـ«الصحراويين» للانسحاب تمهيداً لدخول المغرب المقرر مناقشة عودته في قمة يناير المقبل. المجموعة العربية في مأزق بالطبع لأسباب لا تخفى، ومصر في مأزق وهي في حاجة إلى الدعم المعنوي الإفريقي بعد نجاحها في تجاوز أزمة الاعتراف واقترابها الجديد عبر قضايا الأمن الإقليمي بالأساس مع دول الساحل والصحراء، والدول الفرانكفونية في مأزق. ويدفع المغرب بأن الأمم المتحدة لم تعترف بـ«الدولة الصحراوية» المزعومة، ومن ثم لا معنى لوجودها في الاتحاد الإفريقي. ويؤدي عدم حل الأزمات المزمنة إلى التأثير سلباً على مفهوم القوة الإقليمية لهذه المجموعة العربية الإفريقية التي كان يمكن أن يكون لها شأن على مستوى كتلة الجنوب. نسيتُ أن أنبه إلى أن مؤتمر القمة العربي الإفريقي الرابع اجتمع تحت شعار «الشراكة العربية الإفريقية للتنمية المستدامة والتعاون الاقتصادي»! والتعاون الاقتصادي بالذات مهم وضروري للطرفين، خصوصاً للطرف الأفريقي لأن كثيرين من أبناء القارة يموتون في عرض البحار في زوارق الهجرة السرية. وكذلك لأن الرئيس الأميركي المنتخب يهدد التجمعات الإقليمية بضرورة الاعتماد على نفسها..! فهل فهم العرب والأفارقة ذلك؟