مثل ?العديد ?من ?مدن ?المغرب ?كـ«فاس ?وطنجة»، ?تظل ?مراكش، ?قِبلة ?لذوي ?الذوق ?الرفيع ?من ?كل ?دول ?العالم، ?لأنها ?مدينة ?استهوت ?على ?مدى ?تاريخها ?رجالات ?الدول ?الكبار ?من ?كل ?الأقطار ?والكتاب ?والفنانين ?والمبدعين، ?فأرّخوا ?لمرورهم ?منها. ?وهي ?المدينة ?التي ?تستطيع ?أن ?توفر ?لك ?الأرضية ?المناسبة ?لتحفيز ?المخيلة، ?وأن ?تحرض ?في ?داخلك ?فرص ?الإبداع ?الراقي. ?فها هو ? أدونيس، ?يدخل ?في ?قصيدته «?مراكش/ ?فاس.. ?والفضاء ?ينسج ?التأويل»?، ?إلى ?مراكش، ?في ?حاشية ?من ?توابع ?الشجر ?والعشب، ?فيما ?تحيّيه ?طلائع ?النخيل، ?مراكش، ?حيث ?الخريف ?جمر ?الربيع ?والربيع ?ماء ?الخريف، ?يكتب ?أدونيس، ?الذي ?سيسمع ?ما ?يشبه ?الكلام ?عن ?القمر ?الذي ?ينزل ?إلى ?المدينة ?ليزور ?أصدقاءه ?الفقراء. في مراكش، يترك أدونيس لقصيدته أن تطرح أسئلتها: «وماذا يقول ماسح الأحذية لهذا القفطان المذهب؟ وماذا يوسوس/ بائع اللبن لتلك الناطحة من الإسمنت؟ وما لهذه/ الأرصفة كأنها خيول أرهقت، تنكس البيارق؟». في مراكش، يضيف أدونيس، حين ترى إلى الشمس تغرب، يتجاذبها الأطلس والمتوسط.. في مراكش، تلبس القصيدة قفطانها، أما جامع الفنا فـ«كوْن مشحونٌ بكهرباء الذكرى»، و«نص يتناسل في نصوص»?. البهجة هي العنوان الأول لمراكش، ولا غرو أن الراسخين في المعرفة يصفونها بمدينة البهجة، ومعهم حق، فأينما يمَّمت وجهك ترى علامات السرور والبهجة، فأنت في هذه المدينة في قلب التاريخ، مدينة الاسترخاء والعطاء الفكري، ومن هنا بهجة قمة رؤساء الدول والحكومات المشاركين في الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية «كوب 22» التي انعقدت مؤخراً في موقع «باب إيغلي» بمراكش، وهي أكبر قمة عالمية تنظمها وتستضيفها المملكة المغربية في تاريخها وقد حالفها النجاح الكبير بإشادة كل دول العالم وكل المنظمات العالمية والفاعلين الكبار والصغار في العلاقات الدولية. وقد أقيمت لهذه الغاية قرية من الخيام على 300 ألف متر مربع استقبلت أزيد من ثلاثين ألف مشارك في هذه القمة.. ?وأقيمت ?بنفس ?القرية «?منطقة ?زرقاء» ?وُضعت ?تحت ?سلطة ?الأمم ?المتحدة، ?حيث ?جرت ?فيها ?المفاوضات ?واستقبال ?الشخصيات ?والصحفيين ?ومندوبين ?من ?3300 ?منظمة ?غير ?حكومية ?معتمدة. ?كما ?تم ?تخصيص «?منطقة ?خضراء» ?مفتوحة ?للعموم ?ممن ?يسجلون ?أسماءهم ?سلفاً ?لحضور ?القمة. كانت قمة مراكش «قمة العمل» كما جاء على لسان الوزير صلاح الدين مزوار رئيس «كوب 22»، الذي أحيّي فيه هنا تفانيه ودوره الكبير في المساهمة في إنجاح اللقاء، وكرست بهذه المناسبة «التقدمَ المهم» الذي تم إحرازه في القمة الـ21 التي استضافتها فرنسا في 2015. ?فدرجة ?حرارة ?المناخ ?آخذة ?في ?الارتفاع ?بوتيرة ?مقلقة ?وغير ?مسبوقة ?ويتعين ?على ?كل ?النفوس ?الحية ?وذات ?الضمائر ?المسؤولة ?اتخاذ ?تدابير ?آنية ?لمواجهتها. وقد شهد العالم خلال هذه السنة زخماً عالمياً منقطع النظير تجاه التغير المناخي في العديد من المنتديات المتعددة الأطراف. وهذا الزخم لا رجعة فيه حيث لم تسهم فيه الحكومات فقط، بل أسهم فيه كذلك العلم والأعمال والعمل العالمي في مختلف الأصعدة. ?فمسؤولية ?الجميع ?اليوم ?تتمثل ?في ?اغتنام ?هذا ?الزخم ?بشكل ?جماعي ?للمضي ?قدماً ?نحو ?خفض ?انبعاثات ?الغازات ?المسببة ?للاحتباس ?الحراري ?وتعزيز ?جهود ?التكيف، ?والاستفادة ?ودعم ?خطة ?التنمية ?المستدامة ?لعام ?2030 ?وأهداف ?التنمية ?المستدامة. ?وهكذا ?نقرأ ?في ?بعض ?بنود ?الإعلان ?الختامي: - ندعو إلى التزام سياسي على أعلى مستوى لمواجهة التغير المناخي، باعتباره أولوية مستعجلة. - ندعو إلى الرفع من حجم وتدفق التمويل الخاص للمشاريع المناخية بالإضافة إلى تعزيز القدرات والتكنولوجيا بما في ذلك نقلها من الدول المتقدمة إلى الدول النامية. - نجدد تأكيد هدف تعبئة 100 مليار دولار. - بالإجماع، ندعو إلى المزيد من العمل المناخي، قبل حلول 2020، مع الأخذ في عين الاعتبار الاحتياجات والظروف الخاصة للدول النامية، والدول الأقل نمواً خصوصاً تلك الأكثر عرضة للآثار الكارثية للتغير المناخي. - بينما نتجه نحو التنفيذ، نجدد تأكيد عزمنا على الرفع من التضامن، والأمل والفرص من أجل الأجيال الحالية واللاحقة.‏? هي قرارات مشروعة وتاريخية تنم عن مسؤوليات مشتركة وجماعية، والتمني الوحيد هو أن ساكني البيت الأبيض الجدد يقتنعون بمصير كوكبنا الذي خلقه الله أمناً وأماناً لنا، فوجب عليهم خلافاً لما تناجوا به سراً وعلناً في مناسبات عدة في حملتهم الانتخابية، المحافظة عليه للأجيال المقبلة والقيام بكل ما يمكن للمساهمة في إيقاف قاطرة التلوث والاحتباس الحراري، وهذا هو التحدي الأكبر.