الخدمة الوطنية وتعزيز قيم الولاء والانتماء
أثمرت مسيرة الاتحاد المباركة التي بزغ فجرها في مطلع سبعينيات القرن العشرين أجيالاً إماراتية تقدِّس الوطن، وتبذل في سبيل عزته ورفعته كل غالٍ ونفيس، كيف لا؟ وقد منحهم الوطن كل مقومات الحياة الرغيدة حتى باتوا أحد أسعد شعوب المعمورة على الإطلاق، وفتح أمامهم آفاقاً لا حدود لها من مناهل العلم وإثبات الذات والنجاح والتميز في مختلف المجالات والمحافل المحلية والإقليمية والدولية، ووفر لهم بيئة قلَّ نظيرها من الأمن والأمان والتسامح ينعمون في ظلها، على الرغم من المشكلات المتزايدة في المنطقة والعالم، وأطلق العنان لروح التجديد والابتكار فيهم ليترجموا طاقاتهم الإبداعية إنجازات غير مسبوقة في مختلف ميادين العمل الوطني.
كلُّ ذلك يأتي ضمن إطار الحصاد الطيب للغرس الأصيل الذي نمَّاه الوالد المؤسس المغفور له -بإذن الله تعالى- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث أدرك باكراً أن الإنسان الإماراتي هو أغلى ثروات الوطن، وأن بناءه وتسليحه بالعلم والمعرفة وثوابت هويته الوطنية هما الحصن المنيع الذي يضمن تجاوز تحديات الحاضر، والعبور الآمن نحو المستقبل الأفضل، ولم يغب عن حكمة الوالد المؤسس، أن شريحة الشباب من أبناء الإمارات هي حجر الأساس في بناء الدولة ومستقبلها، وامتداداً لهذا النهج السديد، فإن قيادتنا الرشيدة ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- تولي الشباب اهتماماً منقطع النظير وتضع تمكينهم في صدارة أولوياتها، باعتبارهم ركيزة مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة، وخط الدفاع الأول عن مكتسبات الوطن وأمنه، ولذلك فإن الدولة لا تألو جهداً في تأهيل الشباب وتحفيزهم للانخراط في مختلف ميادين العمل الوطني وتولِّي أبرز المناصب القيادية.
ولا شك في أن برنامج الخدمة الوطنية الذي أقرته قيادتنا الرشيدة، هو أحد أبرز أوجه اهتمامها بتأهيل الشباب وتطوير مداركهم ومهاراتهم وقدراتهم، وتعزيز ثوابتهم الوطنية، بما يصب في خدمة الوطن والمواطن، وذلك انطلاقاً من الرؤية العميقة التي تمتلكها القيادة بأن التحديات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية، تفرض علينا مواصلة تطوير قوتنا الذاتية، وإعداد شباب الوطن ليكونوا على أهبة الاستعداد لتلبية نداء الواجب في كل زمان ومكان.
وقد آتت هذه الرؤية السديدة ثماراً عدة، فقد عكس التفاف شعب الإمارات بكل صدق وإخلاص حولها، والإقبال الكبير من قبل شباب الوطن على الالتحاق ببرنامج الخدمة الوطنية، مدى استعداد المواطن الإماراتي للتضحية بأغلى ما يملك في سبيل الذود عن راية الإمارات شامخةً خفاقة في مختلف ميادين المجد والشرف وتعزيز مكانة الدولة الإقليمية والعالمية، هذا إضافة إلى مساهمة البرنامج في تعزيز القيم الإيجابية والسلوكيات الحميدة في صفوف المنتسبين إليه، وترسيخ الولاء والانتماء والوفاء للوطن في نفوسهم كعقيدة وطنية خالصة لا حياد عنها.
ضمن هذا السياق، جاءت نتائج الدراسة المتخصصة التي أصدرها «مركز بحوث شرطة الشارقة» مؤخراً تحت عنوان «الخدمة الوطنية ودورها في الحد من الجريمة»، حيث ركزت الدراسة على دور الخدمة الوطنية في تعزيز قيم الولاء والانتماء إلى الوطن، وقياس الانعكاسات الاجتماعية والأمنية الناتجة عن انتساب الشباب الإماراتي للخدمة الوطنية، ودورها في الحد من الجريمة، وقد توصلت الدراسة الميدانية التي أجريت على عينة من المواطنين من الذكور والإناث من مختلف فئات المجتمع، من خلال نتائج استطلاع آراء العينة، إلى أن 93,29% يؤكدون أن الخدمة الوطنية لها أثر اجتماعي كبير في تطوير سلوكيات المجند وهمَّته العالية، وأن هناك تحسناً واضحاً في أسلوبه وتفكيره، ولاحظ نحو 89% من العينة أن المجندين باتوا ملتزمين أكثر بأداء الصلوات الخمس في وقتها، وبنسبة 91,41% يؤيدون أن المجند أصبح أكثر جاهزية لحماية ممتلكات الدولة وصون أمنها الداخلي.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية