ما بعد فوز ترامب
حقق مرشح الرئاسة الأميركي عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب فوزاً قاسياً على المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون. وقد جاءت نتائج الانتخابات مفاجئة للرأي العام في الولايات المتحدة ودول العالم أجمع، خصوصاً أن كل مؤسسات رصد الانتخابات والصحافة توقعت فوز المرشحة الديموقراطية، فماذا يعني فوز ترامب بالنسبة للولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط والخليج؟ وما المواقف التي ينتظر أن يتخذها الرئيس الجديد حيال المنطقة، سواء في فلسطين أو العراق أو سوريا أو اليمن أو ليبيا.. وغيرها؟ وماذا عن مواقفه تجاه الإرهاب وكيفية محاربته؟ وهل تنوي إدارة الرئيس الجديد تقسيم المنطقة، سواء في العراق أو سوريا أو اليمن؟
تاريخياً سياسة الولايات المتحدة كدولة ديموقراطية عظمى لا تتغير بتغير شخص الرئيس أو الحزب الحاكم، فدولة المؤسسات لديها نهج ومصالح وسياسات لا تتغير بسهولة، خصوصاً أن تصريحات المرشحين أثناء الحملة الانتخابية وأطروحاتهم لا تعني أي شيء بعد الفوز والوصول للبيت الأبيض؛ لأن الرئيس الفائز سيكون أكثر واقعية عندما يتزود بكل المعلومات والحقائق من الأجهزة الاستخباراتية ومراكز البحوث وغيرها.
وذلك يعني أن التصريحات التي أطلقها المرشح ترامب خلال حملته الانتخابية حول العديد من القضايا الخاصة بالشؤون الداخلية والخارجية، قد لا تتم ترجمتها إلى سياسات جديدة، وإن كان يمكن أن ترسم ملامح الخطاب الذي سيعتمده الرئيس ترامب بعد أداء القسم في 20 يناير القادم.
دول الخليج ترتبط بعلاقات تاريخية طويلة مع الولايات المتحدة، لها أبعاد استراتيجية، سياسية واقتصادية وأمنية، لكن الأمر شبه المؤكد هو أن الرئيس ترامب ربما يعيد النظر في جوانب من السياسة الأميركية تجاه دول الخليج، حيث صرح خلال حملته بأنه سيحرم بعضها من الحماية المجانية التي توفرها لها الولايات المتحدة، لكن في المقابل من المؤكد أن المسؤولين في الخارجية الأميركية ووزارة الدفاع (البنتاغون) سوف يشرحون للرئيس الجديد طبيعة الاتفاقيات الخليجية الأميركية، وعندها سوف يعلم أن دول الخليج تساهم في تحمل تكلفة الدفاع عن نفسها.. كما أن هذه الدول تشتري معدات عسكرية وطائرات وغيرها بمليارات الدولارات، لذلك ليس من مصلحة أميركا التهديد بسحب الامتيازات، وإضافة إلى ذلك فإن مصالح أميركا النفطية والاقتصادية تحتم عليها الوجود في المنطقة.
التصريحات التي أطلقها ترامب أثناء حملته الانتخابية والخاصة بالإرهاب، تتطلب منا في الخليج الاهتمام بها، فالولايات المتحدة تعي تماماً بأن دول الخليج تشن حملة عسكرية وأمنية ضد الإرهاب والإرهابيين. ما يهم الولايات المتحدة اليوم هو الأبعاد الأخرى للإرهاب، مثل الجانب الثقافي والفكري والتمويلي، حيث لم تعالجه دول المنطقة كلها معالجة جذرية، والدليل على ذلك استمرار تدفق الجهاديين إلى كل من سوريا والعراق، وكذلك اكتشاف الأجهزة الأمنية، بين فترة وأخرى، خلايا إرهابية داعشية جديدة يخطط فيها شباب صغار السن للقيام بتفجيرات.
الرئيس المنتخب دونالد ترامب لديه علاقات شخصية ذات طابع تجاري مع بعض أبناء المنطقة، ويمكن استغلال هذه العلاقات لتعميق التفاهم مع الإدارة الأميركية الجديدة.