الانتخابات الرئاسية الأميركية تجرى دوماً يوم الثلاثاء الأول بعد أول يوم إثنين من شهر نوفمبر. وقد عُرف عن الانتخابات أنها في شهر أكتوبر، وقبل قليل من إجراء الاقتراع، تقع حوادث غير متوقعة، إما مدبرة عمداً للتأثير في خيارات الناخبين وتوجهاتهم التصويتية، وإما حوادث تتجاوز نطاق سيطرة الأحزاب المتنافسة لكن يظل لها تأثير بقدر أو آخر في نوايا التصويت. ففي السابع من أكتوبر عام 1964، اعتُقل أحد معاوني الرئيس ليندون جونسون، بسبب «سلوك مخل بالنظام». ولفترة قصيرة من الوقت كان جونسون مقتنعاً بأن الفضيحة ستؤدي إلى خسارته الانتخابات المقبلة أمام منافسه بيري جولدووتر. لكن في وقت لاحق من الشهر، وتحديداً في يوم 14 أكتوبر، أقيل نيكيتا خروتشوف رئيس الوزراء ورئيس الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي، وبعد ذلك بيومين اختبرت الصين الشيوعية أول قنبلة نووية لها. ومضى جونسون في طريقة ليحقق فوزاً بفارق كبير على منافسه جولدووتر. وفي الثامن عشر من أكتوبر، قبل انتخاب ريتشارد نيكسون لفترة ولاية ثانية عام 1972، أعلن وزير الخارجية الأميركي هنري كيسينجر أن «السلام أصبح في متناول اليد» في حرب فيتنام التي كانت لا تحظى بشعبية كبيرة، لكن الحرب استمرت ثلاث سنوات أخرى. وظهرت إيران في اثنتين من الانتخابات الرئاسية الأميركية. ففي أكتوبر عام 1980، أعلن الإيرانيون أنهم لن يفرجوا عن الدبلوماسيين الأميركيين المحتجزين رهائن في طهران منذ عام 1979، حتى بعد الانتخابات الأميركية، مما أدى إلى ظهور نظريات مؤامرة مفادها أنهم جنحوا إلى هذا الخيار عامدين إلى توجيه من المرشح الجمهوري رونالد ريجان الذي أقنع زعماء إيران من خلال قنوات سرية، أنهم سيحصلون على صفقة أفضل في ظل وجود إدارة جمهورية في الحكم، بدلاً من حصول الديمقراطي جيمي كارتر على فترة ولاية ثانية. وفي الأيام الأخيرة من أكتوبر عام 1992 اتُّهم كاسبر وينبرجر، الذي كان وزيراً للخارجية في إدارة ريجان، بعرقلة العدالة فيما يتعلق بفضيحة «إيران-كونترا». وتتعلق هذه الفضيحة ببيع الولايات المتحدة أسلحة لطهران، لمساعدتها في حربها مع العراق خلال الثمانينيات، مقابل الإفراج عن بعض الأميركيين في لبنان، وهي الفضيحة التي هزت إدارة ريجان الثانية بين عامي 1986 و1987. وكان جورج بوش الأب، نائب الرئيس ريجان، ضالعاً في الاتفاق مع إيران. وكان بوش يخوض السباق من أجل الحصول على فترة ولاية رئاسية ثانية أمام بيل كلينتون في عام 1992، حين ظهر هذا الاتهام ضد وزير خارجية ريجان. وكان الاتهام يوحي بأن بوش أكثر تورطاً بكثير في فضيحة «إيران-كونترا» مما كان شائعاً حتى ذاك الوقت. ويعتقد أنصار بوش أن نشر معلومات تتعلق بهذا الموضوع ساعد كلينتون في الفوز بانتخابات عام 1992. وقبل أيام من انتخابات عام 2000، نشرت وسائل إعلام أنباء قصة قديمة عن ضبط جورج بوش الابن، المرشح الرئاسي الجمهوري الآن، وهو يقود مركبة بينما كان في حالة سكْر. وفي السباق المحتدم بشدة بين بوش الابن وآل جور عام 2000 ربما أدت هذه القصة إلى انتزاع بعض الأصوات من بوش الابن. وفي انتخابات عام 2012 بين باراك أوباما وميت رومني، أدى وقوع الإعصار ساندي في نهاية أكتوبر على امتداد الساحل الشرقي للولايات المتحدة إلى تشتيت الانتباه عن الانتخابات والسماح لأوباما لأن يظهر بدور الرئيس المهتم ببلاده وشعبه مما سحب الأضواء بعيداً عن رومني. وفي الأيام السابقة على انتخابات الثامن من نوفمبر في السباق الرئاسي الحالي، ظهرت في أكتوبر مفاجأتان على السطح. ففي السابع من الشهر نشرت صحيفة «واشنطن بوست» شريطاً مسجلاً للمرشح الجمهوري دونالد ترامب وهو يتفوه بكلام فاحش عن النساء في حديث خاص مع مقدم برنامج تلفزيوني عام 2005. وأثّر نشر الفيديو، عقب ظهوره فوراً، في الانتخابات وأدى إلى تغطية إعلامية واسعة النطاق. ومنذ هذه اللحظة انتشر الزعم بأن السباق حُسم لأن استطلاعات الرأي تشير إلى أن هيلاري تسير في سبيل تحقيق النصر. لكن في يوم الجمعة، الثامن والعشرين من أكتوبر، أرسل جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي (إف. بي. أي) خطاباً مبهم النص إلى الكونجرس ليخبر السلطة التشريعية بأنه تم اكتشاف المزيد من رسائل البريد الإلكتروني التي قد تكون ذات صلة بالتحقيق بشأن إدارة هيلاري كلينتون لبريدها الإلكتروني، بينما كانت وزيرة لخارجية الولايات المتحدة. ولم يُكشف عن المزيد من الحقائق في هذا الخصوص، وإن انتهزت حملة ترامب فرصة القضية وبدأت شن حملة كبيرة لتأكيد وجهة نظرها القائلة بأن هيلاري لا يمكن ائتمانها على الأسرار الحكومية. واستعد الديمقراطيون لمواجهة الأزمة وانخرطوا في انتقاد علني لكومي، وذلك لكتابته مثل هذا الخطاب المبهم ونشره قبل وقت قليل من الانتخابات. وحتى أيام قليلة ماضية، لم يتضح ما إذا كان خطاب كومي أثر في تقدم هيلاري إجمالاً، لكنه دفع بحملة الحزب الديمقراطي إلى وضع أصبحت فيه مضطرة إلى تبني موقع الدفاع فحسب، بينما كان يريد مديرو الحملة استغلال الأسبوع الأخير كي يقدموا رؤية متفائلة ومفعمة بالأمل لرئاسة هيلاري. ومع مرور الأيام تصاعدت التوترات في انتخابات عام 2016 لتصبح أكثر إثارة للشقاق، لذلك فإن معظم الناس يتمنون انتهاء الانتخابات وحسب.