صدر مؤخراً تقرير عن حالة الأمن الوطني خلال العام الأول من تولي حزب الأحرار الكندي مسؤولية الحكم العام الماضي.. وقدم التقرير وزير السلامة الوطنية (الأمن الوطني) أمام مجلس العموم الكندي. وقد لوحظ أن هذا التقرير الأول الذي قدمته حكومة جاستين ترودو قد تطرق إلى المعلومات والإنجازات التي حققتها أجهزة الأمن خلال الفترة ما بين أغسطس 2015- 2016. وقد نال ثناء وتقدير أكثر المعقبين والكتّاب المهتمين، حيث امتاز بالشفافية وكشف الخطوط العريضة لسياسة الحكومة في ميدان الأمن الوطني، وأوضح الموقف الكندي من قضية الإرهاب التي تعتبر أولوية لدى أجهزة الأمن الكندية. وقال الوزير في تقريره الشامل إن حكومة كندا قد قررت منع استعمال مسمى تنظيم «الدولة الإسلامية» في جميع ما يصدر عنها من بيانات أو تصريحات إعلامية، لأن في تسمية الجماعة الإرهابية باسم «الدولة الإسلامية» خطأ سياسياً وقانونياً، مثل تسمية الإرهاب بـ«الإرهاب الإسلامي»، لأن هنالك في كلتا الحالتين ظلماً على الإسلام والمسلمين. فهذه الجماعات المتشددة التي تمارس القتل وحرق القرى والبلدات باسم «الجهاد» ليس لها علاقة بالدين الإسلامي، وهنالك جماعات صغيرة لا تشكل 1 من المئة من المسلمين الذين يتجاوز تعدادهم أكثر من مليار من البشر ولا تمثل روح وقيم الإسلام، الدين الذي ساهم في بناء الحضارة الإنسانية.. وقد نصح الوزير أجهزة الإعلام الأهلية والكتّاب والإعلاميين بأن يتفادوا تسمية الإرهاب القتلة في العراق وسوريا وغيرهما من البلدان بـ«المجاهدين الإسلاميين»، وأن يتفادوا إسباغ صفة «الدولة الإسلامية» على تنظيم «داعش»، عندما يكتبون أو يتحدثون عن هذه الجماعة والأعمال الإجرامية التي قال إنها قد تعدت الشرق الأوسط إلى أوروبا وأميركا، الأمر الذي قال الوزير إن أجهزة الأمن الكندية منتمية له. وقال إن الحرب ضد هذا التنظيم الإرهابي وأفكاره المنحرفة ليست مسؤولية الدولة وحدها وإنما يشاركها في المسؤولية المواطنون الكنديون وفي مقدمتهم مسلمو كندا. وقد حظي تقرير الأمن الوطني بكثير من الثناء والملاحظات الإيجابية لدى معظم المعلقين، فقد كشفت الحكومة بكل شفافية للشعب عن حالة الأمن الوطني، وقرارها الحكيم بمنع استعمال مسمى تنظيم «الدولة الإسلامية» في أوراقها وبياناتها الرسمية. والمطلوب هو خطوات أبعد من هذه الخطوة الجيدة بأن تتحمل كندا مسؤوليتها الدولية في الحملة الدولية في الحرب على الإرهابيين في سوريا والعراق وليبيا وغيرها من بلدان العالم العربي، الأمر الذي ظل محل تردد من قبل حكومة جاستين ترودو التي كانت قد التزمت بهذا الموقف «المائع» وقررت سحب العدد المحدد من الطائرات الحربية المشاركة في عمليات الحلف الدولي على الإرهاب، وألا ترسل جنوداً كنديين للعمل في أرض المعركة. وقد لوحظ مؤخراً أن الحكومة قد أعلنت أن عدداً من «جنود القوات الخاصة الكندية» يشاركون الآن في تدريب القوات العراقية بناء على طلب الحكومة العراقية (يقدرهم البعض بستمائة عنصر من القوات الخاصة). إن هذه الخطوة الكندية السليمة «لشطب» اسم تنظيم «الدولة الإسلامية» تقابلها خطوة شجاعة للرئيس أوباما الأسبوع الماضي عندما أجاب على سؤال عند لقائه مع بعض جنود القوات المسلحة الأميركية الذين شاركوا في حروب أميركا في أفغانستان والعراق، فقد أجاب الرئيس الأميركي على سؤال مختصر إجابة موسعة وموفقة ومطلوبة لتعليم وتعريف الجمهور الأميركي ما هي حكاية هذا «الإرهاب الإسلامي» وهؤلاء «الإرهابيين الإسلاميين»، وقد كرر أوباما قوله «إن داعش والقاعدة وأمثالهما من التنظيمات الإرهابية لا تمثل الإسلام كدين وعقيدة والمسلمين كبشر وإخوة في الإنسانية مع جميع البشر».. وقال إن من الخطأ الشنيع أن نحمل الإسلام والمسلمين أوزار الجرائم التي يرتكبها داعش في كل العالم وأكثرها في بلاد المسلمين.. وقال إن ضحايا أعمال هؤلاء المجرمين من أطفال ونساء والمسلمين أكثر من ضحاياهم من الديانات الأخرى.. وقال إن الحديث عن منع المهاجرين السوريين من دخول الولايات المتحدة بدعوى أنهم سيحملون معهم إرهابيين محتملين حديث لا يرقى إلى المسؤولية المطلوبة من مرشح لرئاسة الولايات المتحدة. وكانت ردة الفعل الطبيعية لحديث أوباما هذا هو أن انتظمت حملة تسجيل واسعة بين الناخبين الأميركيين المسلمين شكلها آلاف الشباب للوصول إلى كبار السن وحثهم للتسجيل والمشاركة في انتخابات نوفمبر القادم تحت شعار «لنمنع ترامب من الوصول للرئاسة». وهكذا شاء المسلمون أو أبوا فإنهم الآن ولفترة قد تطول سيكونون في عين عاصفة الانتخابات الأميركية.. والفرنسية أيضاً. ----------------- * كاتب سوداني مقيم في كندا