إيران وصناعة الإرهاب
خيراً فعل عادل الجبير وزير الخارجية السعودي عندما رد في صحيفة «ذي وول ستريت جورنال» على ما كتبه جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني في صحيفة «نيويورك تايمز» متهماً العرب بالإرهاب، مبيناً للوزير الإيراني أن الإرهاب بالأساس صناعة إيرانية وأن إيران «لا يمكن أن تغسل يديها وسجلها الإرهابي من هذا الموضوع، لأن الوقائع تثبت العكس»، مضيفاً «أن إيران راعية للإرهاب، وذلك من خلال مسؤولين حكوميين كانت لهم اليد الطولى في كثير من العمليات الإرهابية منذ عام 1979، ولا يمكن لطهران التحدث عن مكافحة الإرهاب، بينما أجهزتها، لاسيما فيلق القدس والحرس الثوري، تدرب وتجهز وتمول وتسهل لكثير من المجموعات الإرهابية». وتابع الجبير: «لو كانت إيران جادة في مزاعمها في مكافحة الإرهاب، لكانت قد سلمت قادة (القاعدة) الموجودين لديها، وتوقفت عن تمويل (حزب الله)، وهو منظمة إرهابية، ولتوقفت أيضاً عن تأجيج النعرات الطائفية في البلدان العربية، وعن محاولة تصدير الثورة إلى كثير من البلدان، وعن تصنيع وتوزيع القنابل المصنوعة يدوياً التي قتلت الآلاف، ولما لطخت يديها بدماء أكثر من 500 ألف شخص ذبحوا من قبل نظام بشار الأسد الذي أمدته طهران بقوات ما بين جنود نظاميين وعناصر خارج نطاق الدولة، وأيضاً لتوقفت عن تشكيل ما يعرف بالمراكز الثقافية التابعة للحرس الثوري في كثير من الدول والمكرسة لنشر أيديولوجيتهم عبر الدعاية والعنف وإيهام المسلمين الشيعة خارج إيران بأنهم ينتمون إليها لا إلى الدول التي هم مواطنون فيها».
إيران أصبحت جزءاً من المخطط الغربي لتفتيت المنطقة العربية والهيمنة على ثرواتها، وهي بهذا الدور تسعى لتحقيق أهدافها السياسية والطائفية. ولم يخف اللواء محمد علي جعفري (قائد الحرس الثوري) هذا الأمر عندما قال إن تدخلات إيران في اليمن وسوريا تأتي في إطار توسع خارطة الهلال الشيعي في المنطقة.
ومما يفضح سلوك إيران، والذي يؤكده ساستها وعلماؤها في تصريحاتهم وخطبهم، مهددين دول المنطقة، هو الدعم الأميركي للسياسات الإيرانية. فإيران وأميركا والغرب وإسرائيل في حلف استراتيجي واحد هدفه تفتيت العرب ومحاربة الإسلام (خاصة السني). إنهم متقاربون جداً ولديهم الحلم نفسه، ومشروعهم التآمري على المنطقة العربية وصل ذروته، والخلاف الظاهر بينهم ما هو إلا للتمويه، إذ الحقيقة أنهم متفقون تماماً.
وكلما سعى العرب لخلق حالة من التقارب مع طهران تتكون فجوة كبيرة بفعل ممارسات النظام الإيراني. وحتى على مستوى التقريب بين المذهبين السني والشيعي، لا تجد من الجانب الإيراني تجاوباً، وذلك لأن التقريب بين المذهبين يعني، كما يقول الدكتور عبد المنعم فؤاد عميد كلية الدراسات الإسلامية بالأزهر («روزاليوسف»، 29-08-2016)، أن يذوب المذهبان أحدهما في الآخر، لكن إيران تصر على أن الشيعي لا يصبح شيعياً إلا إذا رفض إمامة أبي بكر وعمر وعثمان، وتطاول لفظياً على الصحابة الأجلاء وعلى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات.
ورغم ذلك فقد أرسل شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب برقيات للشيعة داعياً إياهم للجلوس والسنة معاً تحت قبة الأزهر، حقناً للدماء في العراق وسوريا وغيرهما. ولما جاء رئيس إيران السابق أحمدي نجاد إلى مصر وزار الأزهر، طلب منه شيخ الأزهر أن يتخلى الشيعة عن لعن الصحابة وسب زوجات النبي إذا كانت إيران حقاً ترغب في التقارب، وقال له: أظهروا لنا النوايا الحسنة ونحن سنفتح لكم الباب بعدئذ، لكن إيران لم تفعل شيئاً في هذا الصدد ولم تستجب.