أظهر تحقيق استغرق عامين أجرته منظمة مراقبة غير حكومية، أن الرجلين اللذين أشعل نزاعهما على السلطة في جمهورية جنوب السودان الحربَ الأهلية الشرسة هناك، نهاية عام 2013، جمعا ملايين الدولارات خلال هذا الصراع. وأوضح التقرير الذي نشرته جماعة «سينتري» (الحارس)، وهي مبادرة شارك في تأسيسها الممثل الأميركي جورج كلوني وجون بريندرجاست من منظمة «إنيف بروجيكت» (مشروع كفاية)، الطريقة التي جمع بها الرئيس سلفا كير ونائبه السابق ريك ماشار وبعض كبار المسؤولين العسكريين ثروات شخصية، بينما عانى المدنيون أمام أعينهم. وجاء في التقرير: «زعماء الأطراف المتحاربة في جنوب السودان استغلوا وتلاعبوا بالانقسامات العرقية كي يحشدوا الدعم لصراع يخدم مصالح شبكتيهما». وحصد الصراع حتى الآن أرواح أكثر من 50 ألف شخص، وأدى إلى نزوح أكثر من مليون آخرين من ديارهم، رغم اتفاق سلام وقعه الجانبان في أغسطس 2015. وعاد مشار إلى العاصمة جوبا في أبريل الماضي، في محاولة لتشكيل حكومة انتقالية هشة تم الاتفاق عليها في صفقة اتفاق السلام المشار إليه، لكنه غادر العاصمة في يوليو بعد اندلاع القتال مجدداً بين قواته والقوات الموالية لـ«كير». ومؤخراً أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، التي دعمت عملية السلام ويسرت عودة مشار إلى جوبا، أنه يجب على مشار التخلي عن مطلبه بشغل منصب النائب الأول للرئيس، وهو منصبه السابق الذي وُعد باستعادته في اتفاق السلام المبرم في أغسطس 2015. وعلى امتداد الصراع، زعم مشار مراراً أنه يفتقر إلى التمويل، داعياً جنوده إلى العودة من الأحراش وإنهاء الصراع، وطالب مرة بعد أخرى بتمويل أميركي لشراء خيام وطعام لتشجيع رجاله على العودة من ساحات القتال. وفي أكتوبر الماضي صرح لمجلة «فورين بوليسي» قائلاً: «قدموا إلينا الخيام والطعام والغذاء والدواء والماء، حتى يعود الرجال ويجتمعوا.. الخيمة عطاء من أجل السلام». لكن جماعة «سينتري» توصلت إلى أن شبكة تمويل مشار كانت كبيرة، وبينما كان المدنيون يختبئون في المستنقعات ومخيمات الأمم المتحدة، كانت تعيش أسرته في منازل مترفة في إثيوبيا وكينيا، بعيداً عن عواقب الحرب الأهلية. وذكرت أن أحدث منازل مشار في نيروبي يقع في حي «لافنجتون» الراقي ولا يبعد كثيراً عن منزل أسرة كيري، وأن منزل مشار هناك «به فناء خلفي كبير وباحة حجرية كبيرة وبركة سباحة على شكل دمعة». واستطاع «كير» ومسؤولون آخرون من الجانبين استثمار ملايين الدولارات في عقارات خارج جنوب السودان، رغم رواتبهم الحكومية الهزيلة. وجمع كير نحو 60 ألف دولار في العام، بينما جمع مشار نحو 54 ألف دولار سنوياً. وتشير وثائق إلى أن نجل كير يبلغ من العمر 12 عاماً يمتلك 25? من أسهم شركة وظيفته فيها ببساطة هي «ابن الرئيس». وهذا الابن هو واحد من سبعة أولاد على الأقل لكير يمتلكون أسهماً في شركات مختلفة. ووفقاً للتقرير فقد استخدم كلا الرجلين ثرواتهما لتمويل الصراع الأهلي؛ حيث أنفق كير عشرات ملايين الدولارات من المال العام لشراء طائرات الهليكوبتر المقاتلة التي كانت قواته تستخدمها ضد المدنيين، كما جنَّد ودرَّب وأطلق قياد «مليشيا خاصة على المدنيين والفصائل المنافسة داخل الجيش». وذكرت تقارير على الجانب الآخر أن مشار استخدم وسيطاً للتفاوض من أجل شراء أسلحة من شركة أوكرانية. واتُّهم أحد أقارب مشار بالاستيلاء بشكل غير قانوني على مكتب شركة أمن من شرق أفريقيا في جوبا ومصادرة ممتلكاتها! سيوبهان أوجرادي صحفية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»