دعاية ترامب الملحاحة!
في الشهور القليلة الماضية، اكتظ صندوق بريدي برسائل دونالد ترامب وأسرته وفريق العاملين في حملته. وطلبوا مني المال وشراء أشياء، وشكَوا من وسائل الإعلام الليبرالية ونفّسوا عن غضبهم ضد هيلاري كلينتون. وأنا لم أر أسرة ترامب إلا من بعيد حين كنت أغطي حملة الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية في وقت سابق هذا العام. ولعل هذا هو ما وضعني ضمن قائمة بريدهم. لكني لم أسجل بياناتي في بعض الفعاليات كعضو من الفريق الصحفي، بل استخدمت برنامج «ايفينتبرايت» في هاتفي المحمول لأسجل في بعض اجتماعات ترامب المبكرة في أيوا ونيو هامبشير كعضو من الجمهور العام حتي يمكنني الوقوف في الطابور ومخالطة الناس. ولا يمكنني القول على وجه اليقين إن هذه هي الطريقة التي اعتبرني بها ترامب من كبار أنصاره. وتلقيت عدة رسائل بالبريد الإلكتروني من كيليان كونواي، مديرة حملة ترامب الانتخابية، جاء في إحداها أن اسمي في قائمة «رابطة كبار الأنصار» لترامب. ورددت على الرسالة أسأل عن كيفية حدوث هذا، لكن أحدا لم يجب. ثم اعتقدت أنني أصبحت في مرتبة أقل بعد سلسلة من رسائل ايفانكا، ابنة ترامب التي تسألني ما إذا كان لدي الوقت لتناول القهوة معها. واقترح إريك ترامب الابن الأصغر للمرشح الجمهوري تناول الغداء معي. وطلب مني المرشح الرئاسي نفسه تناول العشاء معي. لكن هذا ليس مجانا. فعلي أن أتبرع بثلاثة دولارات لتناول العشاء مع ايريك أو القهوة مع ايفانكا وخمسة دولارات لمقابلة دونالد.
وحاولت التبرع، لكن موقع ترامب على الإنترنت لم يقبل بطاقة الائتمان الأجنبية التي أحملها. وهذا لأنني أنتهك القانون إذا دفعت لهم وهم ينتهكون القانون إذا أخذوا المال. فأنا مواطن روسي ومحظور علي المساهمة المالية في الحملات الانتخابية الأميركية. وإلى هذا فإن معسكر هيلاري وكثير من زملائي يجهدون أنفسهم في العثور على أثر روسي في حملة ترامب ومن السهل أن يلاحظ الجميع الدولارات الثلاثة التي ساهمت بها لتناول القهوة مع ايفانكا. وحينها سيتعين على حملة ترامب إصدار كل أنواع النفي. وبهذا فاتني كثير من الفرص المغرية مثل أن أصبح شريكا مستداما لترامب وعضوا تنفيذيا. فقد كتب لي ترامب في رسالة: «لقد فعلت الكثير لحملتنا وتستحق المكافأة»، طالبا مني التبرع بمبلغ 35 دولاراً، أو أن أصبح عضوا في مجلس مدرائه. ولا ضرر في أن يفوتني العرضان الأولان لأن أحداً لم يخبرني بفوائد اللقب المعروض علي. لكني شعرت بالندم لأنني خسرت التعيين في مجلس المدراء. وكما شرح ترامب في رسالته من أنه يعتمد على «مجلس مدراء ترامب للحصول على النصح والإرشاد في الحملة، وبمجرد أن تحصل على موقع داخل المجلس فإنك ستكون عيوني وآذاني في منطقتك»، لكني أقيم في برلين! ثم أرسل ترامب بريداً إلكترونيا آخر قال فيه إنه سينصت إلى جميع نصائحي لأن «الصفوة الليبرالية لم تستمع إليك. لكني أسمع صوتك عاليا وبوضوح».
وبتلك الرسالة الإلكترونية تحديداً فإن ترامب يعتبرني أنتمي إلى «الغالبية الصامتة العظيمة من الأميركيين»، لكنه لا يريدني أن أبقى صامتا لفترة طويلة. وكتب في رسالة: «وسائل الإعلام محاصرة أيضا، بصراحة أعتقد أني لم أشهد وسائل الإعلام في هذه البلاد تتصرف بمثل هذه الطريقة المثيرة للاشمئزاز مثلما تعمل ضدي.. كثير من الأكاذيب! لذا ساعدني في أن أتصدى لهراء وسائل الإعلام وانقل رسالتنا مباشرة إلى الناس».
إن عملي هو التصدي للهراء ويسعدني أن أقدم المساعدة، لكن بصراحة، وهي كلمة يكثر ترامب من استخدامها، فإني أشك في أن ترامب يريد مساعدتي حقا.
إذن كل ما يمكنني فعله لمساعدة ترامب وأسرته على جعل أميركا عظيمة مرة أخرى، هو شراء بعض الأشياء التي يبيعونها، مثل كوب كتب عليه: «أنا (ورسم لقلب) ترامب»، وقبعة كُتب عليها «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، أو نسخة موقعة من كتاب لترامب. لكني اشتريت بالفعل قبعة في أحد الاجتماعات الانتخابية ودفعت 20 دولاراً حينها. وقرأت أن ترامب لم يؤلف الكتاب ولذا فلا معنى لشرائه. وقد تتوقف أسرة ترامب عن مراسلتي بعد أن ترى هذا المقال. لكني أتساءل: كيف يرى أنصار ترامب الحقيقيون، سواء أكانوا من رابطة المؤيدين أو غيرهم، عملية الدعاية هذه؟ ربما يتفهمون الأمر، لكن كثيرين منهم أشخاص غاضبون، ولو كنت مكانهم لكانت فجاجة وتكرار هذه العروض جعلتني أكثر غضبا، لكن ليس بالطريقة التي يريدها ترامب.
ليونيد بيرشيدسكي
كاتب روسي مقيم في برلين
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»