عداء ترامب للمهاجرين
في خطاب الكراهية الذي ألقاه دونالد ترامب في مدينة فينيكس بولاية أريزونا يوم الأربعاء الماضي كاد المرشح الجمهوري أن يهدم كل ما يمثله تمثال الحرية. إنه يريد ألا يدخل البلاد إلا الذين جرى فحصهم بأقصى درجة من التدقيق والذين أفكارهم الأيديولوجية معتمدة ويمثلون الصفوة. ولا يريد أن تستقبل البلاد إلا الأذكى والأنبل والأغنى ويصد الفشلة والمفكرين الأحرار والأوغاد. لكن الخطبة التي أساءت بعض وسائل الإعلام قراءتها ووصفتها بأنها محورية، حظيت بإطراء أنصار النازية الجديدة وجماعة كوكلوس كلان. فقد وصف ديفيد دوك الزعيم السابق في جماعة كوكلوس كلمة ترامب بأنها «خطبة ممتازة». ودفعت الخطبة بعضاً من عدد قليل من مستشاري ترامب من أصول لاتينية إلى أن يستقيلوا من حملته احتجاجاً.
وفي أميركا التي في خاطر ترامب، فإن الذين يعملون في الظل ليسوا الأشخاص الذين يقصون الحشائش ويعملون في مواقع الإنشاء ويجنون ثمار الفاكهة أو العاملات في الخدمة المنزلية ممن نراهم في كل مكان بل هم حثالة المجرمين. ووفقاً لقوانينه، كان يجب أن تغلق البلاد أبوابها منذ فترة طويلة أمام الذين جعلوا تجربة الولايات المتحدة عظيمة وفريدة في العالم. ولو أعطي السلطة لأغلق الباب أمام تدفق الناس الذين كان أفضل ما لديهم، وربما كل ما لديهم، هو الرغبة في حياة أفضل. وبالتالي، ما كان لعائلة كيندي التي قدمت إلينا في نهاية المطاف أول رئيس إيرلندي كاثوليكي أن تستحق دخول البلاد. لقد كانت أسرة منبوذة بلا حول، وكان أبناء الأمة التي تنتمي إليها يملؤون سجون نيويورك بالفعل في خمسينيات القرن التاسع عشر.
وعلى أبواب أميركا كان ترامب «سيختار المهاجرين بناء على احتمال قدرتهم على النجاح في المجتمع الأميركي وقدرتهم على تحقيق الاكتفاء الذاتي المالي». عفواً، ماذا عن فلاحي صقلية؟ فما كان كثيرون ليجتازوا اختبار ترامب في «الفضائل والمهارات والإتقان» في اللغة. لم يكن كثيرون منهم يستطيع حتى قراءة أو تحدث اللغة، ناهيك عن تشغيل آلة من العصر الصناعي. وماذا عن الجمعيات السرية التي كان ينتمي إليها معظمهم؟
لقد وضع المرشح «الجمهوري» اختباراً للصواب السياسي بطريقة هي الأكثر سلطوية. وأطلق ترامب عليها «أقصى تدقيق... إنني أريد الأقصى». وأكد أنه يتعين توافر «اعتماد أيدولوجي». عفواً، ماذا عن آلبرت اينشتاين اليهودي الألماني المولد الذي كان يعلم بعض الأمور في الفيزياء مثل نظريته في النسبية. لكن بعض آرائه السياسية لم يكن من الممكن اعتمادها. وما كان بوسعه قط أن يجتاز التدقيق الأقصى الذي يتطلبه ترامب بعد أن صرح بعبارة مثل «إنني مقتنع أن هناك طريقة وحيدة فحسب لإزاله هذه الشرور الخطيرة وتحديداً من خلال إقامة اقتصاد اشتراكي مصحوب بنظام تعليمي يتجه نحو الأهداف الاشتراكية». إن كلام اينشتاين لا يثير إلا المشاكل تقريباً. وفوق كل هذا، تتهمه بلاده الأصلية بالخيانة. ولو كان ترامب موجوداً حين دخوله البلاد لربما قال «ألمانيا حين ترسل أناساً فإنها ترسل الخونة أي الأشخاص الذين لا تلائم أفكارهم أبداً أفكارنا. أخرجوه من هنا».
ويريد ترامب أن يتأكد من أن البلاد التي ترتبط بالمخدرات لا ترسل سكانها إلى هنا أيضاً. عفواً، ماذا عن كولن باول؟. والداه كانا من جاميكا، وهي أكبر منتج ومصدر للماريجوانا في الكاريبي. ومن المؤكد أن كولين كان سيصبح جنرالاً ووزيراً للخارجية لكن ماذا عن الأبوين؟ هل كان من الممكن أن يُسمح لهما بالإقامة لو أنهم أظهروا «قدرة على أن يكونوا مكتفين ذاتياً من الناحية المالية»؟ أشك في ذلك.
عائلات كثيرة ما كانت لتغادر ديارها لو أنها كانت تعيش في رخاء ولو أنها كانت يستطيع إظهار الفضائل والمهارات والإتقان. بل اليأس هو ما يدفع المرء إلى أن يغادر منزله وأسرته وكل شيء. وبعد ذلك، وفي غالب الأحوال، تصبح هذه الأسر الأفضل بعد أن رأت أسوأ ما يمكن أن تقدمه الحياة.
تيموثي إيجان: محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»