اجتمع خبراء ومسؤولون أميركيون سابقون سراً عدة مرات مع مسؤولين كبار من كوريا الشمالية هذا العام. وبعض الأميركيين يعتقدون أن نظام كيم جونج أون مستعد لاستئناف المحادثات بشأن البرنامج النووي. ولا يوجد حوار رسمي بين الحكومة الأميركية وكوريا الشمالية منذ أن اضطلع كيم بالسلطة بعد وفاة أبيه عام 2011، لكن بيونجيانج حافظت بهدوء على الاتصال مع واشنطن عبر سلسلة من الحوار في «مسار ثان»، وترسل بيونجيانج غالباً دبلوماسيين كباراً لحضور هذه الجلسات. والأميركيون الذين يشاركون هم مسؤولون سابقون وخبراء بارزون في الشؤون النووية والكورية، والاجتماعات عقدت في برلين وسنغافورة وبكين، ومنذ أن جاء كيم الابن إلى السلطة، عززت كوريا الشمالية بشدة من إيقاع تجاربها النووية والصاروخية بما في ذلك إطلاق ناجح لصاروخ من غواصة الأسبوع الماضي. والسائد في واشنطن أنه لا أمل في إجراء حوار حقيقي مع النظام الحاكم في كوريا الشمالية، لكن الأميركيين الذين تحدثوا مع مسؤولين من كوريا الشمالية يختلفون بهذا الشأن، فقد صرح «جويل ويت» الخبير النووي في معهد كوريا- الولايات المتحدة أن الكوريين «يرغبون في الحديث عن نزع السلاح النووي». وكان «ويت» ضمن مسؤولين أميركيين آخرين اجتمعوا في برلين في فبراير الماضي مع «ري يونج هو»، الذي أصبح في مايو الماضي وزيراً لخارجية كوريا الشمالية. ويعتقد ويت أن وفد بيونجيانج أرسل ما يوحي بأن الباب مفتوح لاستئناف المفاوضات، وشارك في اجتماع برلين أيضاً «روبرت كارلين»، المفاوض الأميركي السابق مع كوريا الشمالية. وفي يوليو، كتب «كارلين» مقالاً يحلل بياناً جديداً من كوريا الشمالية تحدثت فيه «بيونجيانج» عن نزع الأسلحة النووية لشبه جزيرة كوريا برمتها كجزء من صفقة كبيرة مع الولايات المتحدة. وتشكك أميركيون آخرون اجتمعوا في الآونة الأخيرة مع مسؤولين من كوريا الشمالية في ظهور علامات حقيقية أو التلويح بفتح أي باب للمفاوضات. وحضر «فيكتور تشا» المسؤول البارز بشأن آسيا في مجلس الأمن القومي في إدارة جورج بوش الابن الاجتماعات نفسها مع «ويت» و«كارلين»، لكنه خرج باستنتاج مختلف. وصرح تشا «أنهم لا يتحدثون فيما يبدو على مستوى شبه رسمي يمضي قدماً إلى الإمام، بل يثيرون فحسب نقاطا للحوار». ويؤكد «تشا» أن فحوى أحدث خطب النظام الكوري الشمالي لا يختلف جوهرياً عن ذي قبل، وأن الذين يرون إشارات لموقف جديد أكثر انفتاحاً من بيونجيانج تضللهم الأماني فحسب. وحدثت أقرب مواجهة مباشرة بين مسؤولين أميركيين ومسؤولين من كوريا الشمالية في يونيو أثناء مؤتمر خاص في بكين تحت شعار «حوار الأمن لشمال شرق آسيا». وحضر الاجتماع «سونج كيم» المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأميركية بشأن سياسة كوريا الشمالية بينما قاد «تشو سون هوي»، نائب المدير العام لقسم الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية الكورية الشمالية وفد بيونجيانج. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنه لم يُعقد اجتماع رسمي، لكن أحد المشاركين صرح أن كيم وتشو أجريا محادثات على الهامش. وأثناء المؤتمر وضع تشو بنوداً لاستئناف الحوار بحسب قول هذا المشارك. وذكر «تشو» أن بيونجيانج لن تناقش فيما بعد التخلي عما لديها حالياً من أصول نووية لكنها قد تلتزم باتفاق يعرقل امتلاك المزيد منها في المستقبل. بالنسبة لكثيرين في واشنطن والبيت الأبيض فإن الأوضاع لا تمثل ضربة بداية جيدة لأنها تعني أن «بيونجيانج» لا تعتزم الإبرار بالتزاماتها السابقة بالتخلي عن الأسلحة النووية. والجدير بالذكر أن إدارة أوباما عززت في صيف هذا العام العقوبات كثيراً على بيونجيانج رداً على استمرار «كيم» اختبار قنابل نووية وصواريخ بالستية. ومن المرجح ألا يتسنى للمسؤولين ما يكفي من الوقت لإجراء حوار مع بيونجيانج لتحقيق تقدم قبل أن يترك أوباما السلطة. وصرح كبار معاوني هيلاري كلينتون إن المرشحة «الديموقراطية» إذا فازت في الانتخابات ستركز أيضاً على تعزيز الضغط على «كيم» من خلال فرض عقوبات جديدة قبل مواصلة المحادثات، وكان هذا هو النهج الذي اتبعته الولايات المتحدة مع إيران. لكن كوريا الشمالية ليست إيران، لأن بيونجيانج لديها بالفعل مواد كافية ربما لأكثر من عشر قنابل، وقد تكون كافية لإنتاج 79 سلاحاً نووياً بحلول نهاية الفترة الرئاسية الأولى للرئيس الأميركي المقبل بحسب معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن، وفرض عقوبات من أطراف متعددة على بيونجيانج أقل تأثيراً، لأن البلاد تعتمد أساساً على الصين التي من غير المرجح أن تتخلى عن بيونجيانج، وإذا كان الكوريون الشماليون يبعثون برسائل للأميركيين مفادها أنهم يريدون الحوار فعلى الحكومة الأميركية استكشاف هذا، وإذا كانت بيونجيانج جادة، فعليها نشر رسالة أوضح وإبداء رغبة أكبر لإنهاء ولعها بالشغب. جوش روجين محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»