كشفت مجموعة من الوثائق، عثر عليها مؤخراً، متعلقة بـ«داعش» عن ظاهرة تتضح على نحو متزايد، وهي أن العديد من المجندين الشباب في هذا التنظيم الإرهابي لا يعرفون الكثير عن الإسلام. وفي تقرير صدر هذا الأسبوع، تحلل وكالة الأسوشيتيد برس (أ ب) وثائق تتعلق بنحو 4030 من المجندين الأجانب الذين دخلوا سوريا للانضمام إلى التنظيم بين عامي 2013 و2014. وتم إدراج 70 في المئة من هؤلاء المجندين من قبل مدربيهم باعتبار أن لديهم معرفة قليلة عن الشريعة الإسلامية، وأن 5 في المئة فقط كانوا يعدون من الطلاب «المتقدمين» بحسب تصنيفهم، وأن خمسة مجندين فقط هم الذين يحفظون القرآن الكريم. وقد حصل موقع للمعارضة السورية على هذه المعلومات وتقاسمها مع وكالة (أ ب). وتشير وكالة الأنباء إلى أن التنظيم «يستغل هذا الجهل الديني» للمجندين الأجانب، «ويسمح للمتطرفين بفرض نوع من الدين تم وضعه ليناسب هدف التنظيم المتمثل في زيادة توسعه الإقليمي واقتراف مذابح طالما أن المجندين يقعون تحت نفوذه». وتتسق هذه القراءة مع مزيد من التحقيقات حول عدم تديُّن العديد من المهاجمين المتطرفين ممن ينفذون بهجمات بمفردهم، الذين أعلنوا الولاء لتنظيم «داعش» ونفذوا هجمات في العام الماضي في بعض المدن الأوروبية. كما ذكر تحليل أجرته مؤسسة بحثية في بروكسل، أن الجيل الحالي من «الجهاديين» هو أكثر عرضة لأن يصبح من «المتطرفين المتأسلمين»، وهؤلاء هم المنعزلون وغير الأسوياء والشباب غير المنسجم اجتماعياً ممن هم عرضة للوعود المتزمتة لتنظيم «داعش»، والذين هم قادرون على تبني جدول أعمال عدمي. وخلال العام الماضي، اتخذ تجنيد «داعش» للأجانب منحنى آخذاً في الانخفاض، وذلك بسبب الخسارة التي مني بها التنظيم في معارك كبيرة علاوة على تشديد الرقابة على الحدود التركية. كما تثير هذه النتائج أيضاً أسئلة بشأن أهمية نوعية الدين الذي يتعلمه ويؤمن به «الجهاديون» في تنظيم «داعش». وقد قيل كثير عن طبيعة أيديولوجية التنظيم، وتعصب أتباعه والأوهام المضللة لمقاتليه. وفي هذا السياق، كتب «جرايم وود» في قصة غلاف تم الاطلاع عليها على نطاق واسع أن «من المؤكد أن المسلمين يرفضون جماعة داعش، وكلهم تقريباً يرفضونها. ولكن التظاهر بأنها ليست في الواقع جماعة دينية متطرفة، لديها لاهوت ينبغي فهمه حتى تتسنى محاربته، قد جعل الولايات المتحدة بالفعل تقلل من قيمتها». والأدلة المحيطة بتجنيد الأجانب من قبل تنظيم «داعش»، تظهر على نحو متزايد أن تحليل العقيدة الدينية قد لا يساعد وحده على البدء في التعامل مع التهديد الأمني. ولنأخذ على سبيل المثال هذه الحكاية من قصة الأسوشيتيد برس: «من بين الوثائق التي تم الكشف عنها كانت هناك نماذج لتسعة من عشرة رجال من مدينة ستراسبورج في شرق فرنسا، تم تجنيدهم جميعاً من قبل رجل يدعى مراد فارس. وقد وصف أحدهم واسمه كريم محمد العقاد ذكريات تجوله في الحانات في ألمانيا مع فارس. وقال للمحققين إن الذين يقومون بالتجنيد في تنظيم داعش كانوا يستخدمون «حديثاً سلساً» لإقناعه». وأضاف أنه «سافر مع شقيقه الأصغر وأصدقائه إلى سوريا في أواخر عام 2013. وقد مات اثنان منهم هناك، وخلال أشهر قليلة، عاد سبعة إلى فرنسا وتم القبض عليهم. كما عاد شقيق محمد العقاد، فؤاد الذي يبلغ من العمر 23 عاماً، إلى باريس وكان واحداً من الرجال الثلاثة الذين اقتحموا مسرح باتاكلان ضمن الهجمات التي وقعت يوم 13 نوفمبر الماضي وأدت إلى مقتل 130 شخصاً». وقال كريم محمد العقاد للمحكمة: «إن معتقداتي الدينية ليست لها أي علاقة برحيلي»، قبل أن يحكم عليه بالسجن تسع سنوات. وأضاف «لقد استخدموا الإسلام كفخ للإيقاع بي مثل الذئب». والمهاجم البالغ من العمر 31 عاماً الذي قتل عشرات في مدينة نيس الفرنسية الشهر الماضي كانت لديه هو أيضاً لمحة مماثلة -لقد كان يشرب ويدخن، حتى في شهر رمضان المبارك، وكما ذكر وزير الداخلية الفرنسي بيرنار كازنوف فإن «آراءه تحولت إلى التطرف بسرعة كبيرة». إن الأيديولوجية الواهية والمرتبكة لمجندي تنظيم «داعش» ووكلائهم الذين يبقون أو يعودون إلى الغرب تجعل من الصعب على وجه الخصوص تعقب أو درء التطرف بشكل مسبق. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»