المرشح «الجمهوري» وسلاح التزييف
حجر الأساس في البناء الخطابي الهش للمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب يتمثل في أن النظام مزيف. والواقع أنه في هذه الحملة الانتخابية التي تعد أكثر الحملات من نوعها من حيث عدم الاتساق وعدم القدرة على التنبؤ بها، دأب ترامب على إعلان أن كل شيء مهم تم تزييفه سلفا. وأعلن ترامب أمام أنصاره الأسبوع قبل الماضي في أوهايو قائلاً «بصراحة أخشى أن يتم تزوير الانتخابات». وتوصل استطلاع للرأي في نورث كارولاينا أن سبعة من كل عشرة من أنصاره يصدقونه. وفي يونيو الماضي أعلن ترامب لحشد من الأنصار أن «ليس النظام السياسي فقط هو المزيف بل الاقتصاد كله». لكن لو أن هناك بارقة أمل في تقييم ترامب الكئيب هذا أو سبب للتفاؤل عن طريقة العمل المناسبة للمجتمع الديمقراطي وقيود الانضباط التي تحكم من يديرون الأمور فإن أفضل من يمثل هذا هو ترامب نفسه. ومن الواضح أن ترامب لديه ثقة هائلة في نزاهة النظام.
فقد دأب ترامب لأكثر من عام على مراوغة كل مرشح موثوق به للرئاسة يطالبه بنشر تقريره الضريبي. وادعى أن مصلحة العائدات الداخلية (الضرائب) تمنعه من مثل هذا الكشف الذي قام به كل مرشح رئاسي منذ عام 1971. ولا ريب في أن هذا مزيد من الهراء. وكما صرح محامي الضرائب سكوت مايكل للصحفي جيفري توبين من صحيفة ذي نيوركر قائلا «لو أن ترامب أقدم على كشف تقريره الضريبي علنا فإنه لا يفشي أي شيء لا تعرفه مصلحة الإيرادات الداخلية بالفعل». لماذا إذن لا نرى ضرائب ترامب؟ لا أعني طبعا السبب الذي يمنع ترامب من نشرها. فمن الواضح أن سجله الضريبي يحتوي على معلومات تحرجه بما في ذلك، بين أشياء أخرى، أن من شبه المؤكد أن قيمته الصافية لا تقترب بحال من الأحوال مما يزعم.
لكن لماذا لم تسرب مصلحة الإيرادات الداخلية وثائقه الضريبية؟ وإذا أراد أعضاء من إدارة أوباما تدمير مسعى ترشيح ترامب، وهم يريدون ذلك فعلا وحقا، فلماذا لا يبثون في وسائل الإعلام معلومات قيمة عما يدفعه من ضرائب؟ مثل ندرة ما ينفقه من تبرعات للأعمال الخيرية. وربما تلقي إقراراته الضريبية ضوءا على ولع ترامب الغريب بروسيا. من الثابت أن إدارات سابقة استخدمت مصلحة الإيرادات الداخلية من قبل كسلاح. فمن المعروف أن الرئيس ريتشارد نيكسون طلب في عام 1971 إطلاق يد مصلحة الإيرادات الداخلية ضد المنافسين الديمقراطيين بما في ذلك سناتور ولاية ماساشوستس إدوارد كيندي. لكن مصلحة الإيرادات الداخلية في ظل إدارة أوباما لم تسرب أي معلومات بشأن ترامب. وقمة السخرية بالطبع أن ترامب مازال يعتمد على أن المصلحة تدار بشكل قانوني ونزيه لتحمي أسراره حتى لو كان يشكو من أن كل شيء فاسد.
وبالمثل تستطيع إدارة أوباما الحصول على معلومات قيمة عن سجل هجرة ميلانيا ترامب. وترامب يؤكد أن تاريخ السيدة ترامب في التأشيرات وطلب الحصول على البطاقة الخضراء فوق مستوى الشبهات. وصرح ترامب الأسبوع الماضي «يقولون إن زوجتي ميلانيا ربما جاءت إلى البلاد بشكل غير مشروع. هل تستطيعون تصديق هذا؟... دعوني أقول لكم شيئا. إنها وثقت الأمر ولذا ستخرج في مؤتمر صحفي في غضون أسبوعين». وربما تعقد السيدة ترامب مؤتمرا صحفيا وتهدئ هي وزوجها الشكوك بشأن تاريخها في الهجرة. لكن نظام التأشيرات وعملية الهجرة مضطرب بشكل سيء السمعة مما يشجع على التحايل عليه. وترامب شهير بسمعته السيئة التي لا يعتمد عليها. لذا فلن يكون من المفاجئ إن لم يحسم المؤتمر الصحفي شيئا إذا انعقد أصلا. وفي هذه الحالة سيحاول ترامب المضي قدما دون الكشف، معتمدا مرة أخرى على نزاهة النظام وعلى كون إدارة أوباما على خلاف تماما ما يصر هو على زعمه.
ـ ـ ـ ـــ ـ
* فرانسيس ويلكنسون
*محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»