قامت جماعة «داعش» الإرهابية بنهب أو تدمير جزء كبير من منطقة «تل أجاجا» الأثرية شمال شرق سوريا. ويرى «خالد أحمو»، مدير الآثار في محافظة الحسكة، حيث يقع التل الأثري، قوله إن «أكثر من 40? من تل أجاجا قد تم تدميره أو تخريبه» من قبل مقاتلي الجماعة المتطرفة. المتشددون اجتاحوا المنطقة عام 2014، ولكن في الشهور الأخيرة، تم طردهم من مساحات كاملة من محافظة الحسكة على يد حملة تقودها الميليشيات الكردية. وفي أعقاب مغادرة «داعش»، تم تدريجياً اكتشاف مدى الضرر الذي ألحقه المسلحون بالمنطقة. وتعد منطقة «تل أجاجا»، التي تبعد 30 ميلاً عن الحدود مع العراق، واحدة من سلسلة تلال بلاد ما بين النهرين الواسعة والغنية بالقطع الأثرية والتحف التي تعود إلى ثلاثة أو أربعة آلاف سنة ماضية. وفي عام 2014، ظهر شريط فيديو لمقاتلي جماعة «داعش»، وهم يحطمون التماثيل الآشورية في المنطقة. ووفقاً لعقيدة الجماعة المتطرفة، فإن تمثيل الآلهة ومواقع العبادة ما قبل الإسلام يستحق التدمير. وبينما كان مقاتلو الجماعة يعيثون فساداً على السكان المدنيين المحاصرين بهجماتهم، قاموا أيضاً بسحق ما يقابلهم من تاريخ المنطقة «الكافر»، كما يعتقدون. وعلاوة على ذلك، فإن جماعة «داعش» طوَّرت تجارة مربحة وغير شرعية من خلال تهريب الآثار التي اختارت أن لا تدمرها. وكان هذا أيضاً هو الوضع في منطقة «تل أجاجا»، حيث حفر الإرهابيون أنفاقاً في المناطق التي لم تُمسّ من قبل من الموقع واكتشفوا كنوزاً غير معروفة حتى الآن (اختفى معظمها). «مأمون عبد الكريم»، رئيس إدارة الآثار في سوريا أشار إلى أن الإرهابيين «وجدوا قطعاً كانت لا تزال مدفونة، وكذلك تماثيل وأعمدة. لقد فقدنا أشياء كثيرة». وأضاف: «هؤلاء البربر أحرقوا صفحات من تاريخ بلاد ما بين النهرين. وفي خلال شهرين أو ثلاثة أشهر، محوا ما كان يحتاج إلى 50 عاماً لاكتشاف ما به من الحفريات الأثرية». إنها واحدة من المفارقات المريرة للحظة التي ترسخت فيها جماعة داعش، التي يقودها الحماس المتزمت والميل إلى العنف، في واحدة من أغنى المناطق الأثرية في العالم. وتعد امتدادات شمال العراق وسوريا، التي سيطرت عليها الجماعة، موطناً للكثير من طبقات التاريخ وأنقاض العشرات من الحضارات القديمة، بما في ذلك بعض من أوائل المجتمعات الحضرية في العالم. وقد استغل نظام بشار الأسد تدمير «داعش» للماضي والتاريخ ونهب المتاحف كجزء من دعايته. وبعد أن استعادت قوات النظام «تدمر»، وهو موقع التراث العالمي لليونسكو، بمساعدة القوات الروسية هذا العام، أقامت الحكومة حفلاً موسيقياً في المدرج الذي يعود إلى الحقبة الرومانية في الموقع. وتألق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر عبر الفيديو وأعلن تحرير تدمر من براثن جماعة «داعش» باعتباره «بادرة أمل في المعركة ضد الإرهاب». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»