أين الجمهوري الرشيد؟!
لم تمر نهاية الأسبوع الماضي، من دون أن يضيف دونالد ترامب المزيد من الأقوال المنفرة. إذا ما أدهشك ذلك، فمن المؤكد أنك لم تكن مهتما بما كان المرشح الجمهوري يقوله من قبل. كذلك، لا تندهش إذا ما وجدت أن غالبية الجمهوريين توافق على هجومه على والديْ بطل حرب مات من أجل وطنه لأنهم مسلمون.
هذا المقال ليس عن ترامب، ولا عن الناس الموافقين على أي شيء يقوله أو يفعله، وإنما عن تلك الفئة من الجمهوريين التي وإن كانت تشكل أقلية داخل الحزب، فإنها أقلية معتبرة تختلف اختلافاً بينا عن الآخرين. فأعضاء تلك الأقلية ليسوا عنصريين، ويحترمون الوطنيين حتى لو كانوا مسلمين، ويؤمنون بأن أميركا، يجب أن تفي بالتزاماتها الدولية.
لكن الأمر المدهش، أن الأغلبية العظمى من هؤلاء الجمهوريين «غير المجانين»، مازالوا يدعمون ترشيح ترامب لمنصب الرئاسة، وهو ما يدعونا للتساؤل عن سبب ذلك.
صحيح، أن فوز هيلاري، سيعني استمرار حكم يسار الوسط، وهو ما سيكون بمثابة خيبة أمل كبرى لهؤلاء الذين يريدون الدوران نحو اليمين.
لكن هل هناك سبب يدفع للاعتقاد بأن فوز هيلاري سيؤدي لكارثة لا يمكن تدارك آثارها؟
إذا ما كنت جمهورياً، فإنك على ما يفترض، تؤمن بأن سياسات يسار الوسط (الضرائب الأعلى على أصحاب الدخول الأكبر، التوسع الكبير والمدعوم في التأمين الصحي، وتشديد التنظيم المالي..) هي سياسات تضر بالاقتصاد أساساً. لكن إذا ما كنت تعتقد أن اقتصاد أوباما كان يجب أن يكون أفضل، فالحقيقة هي أنه قد تمكنا من إضافة 11 مليون وظيفة في القطاع الخاص بفضل هذا الاقتصاد، وأن قيمة الأسهم ارتفعت خلال ولاية أوباما ارتفاعاً كبيراً، وأن التضخم ومعدلات الفوائد ظلا منخفضين، وأن عجز الميزانية تضاءل كثيراً.
وماذا عن الأمن القومي؟ حتى إذا ما اعتقدت أنه كان بمقدور أوباما تحقيق نتائج أفضل، إذا ما كان قد قصف أكثر، وتكلم أقل، فإنه ليس هناك بالمقدار نفسه أي طريقة لوصف هيلاري بأنها ستكون بمثابة لقمة سائغة للإرهابيين والمعتدين الأجانب، خصوصاً إذا ما أخذنا في حسباننا أن خصمها يتحدث عن التخلي عن حلفاء «الناتو»، إذا لم يفوا بالتزاماتهم المالية تجاه الحلف، ويبدو غير منزعج من نزعة المغامراتية الروسية في أوكرانيا.
الأكثر أهمية من كل ذلك، هو مسألة الديمقراطية في الداخل. أنا أدرك أن المحافظين يحبون الشكوى دوماً من أن أوباما تجاوز سلطاته باستخدامه حرية التصرف الإدارية التي يتمتع بها في تعطيل بعض مواد «قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة». لكن ليس هناك شخص عاقل، حتى من اليمين، يعتقد أن أوباما يتصرف كدكتاتور، أو أن المرأة التي يريدها أن تخلفه في منصبه ستهدد الحريات الأساسية.
بناء على كل ذلك، كيف يمكن لجمهوري رشيد، أن يبرر دعمه لترامب، أو يبرر حتى بقاءه على الحياد، والذي يعني عملياً إعطاء ترامب نصف صوت!
------------------------------
*كاتب أميركي حاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد
-----------------------------------
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»