الاحتفال باليوم الوطني والهوية
تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الأيام الاحتفالات في كافة ربوعها باليوم الوطني الـ 44، والذي يصادف ذكرى إعلان دولة الاتحاد، وتشارك في هذه الاحتفالات كافة الجهات الاتحادية والمحلية والمؤسسات التعليمية وغيرها. ومنذ تأسيس الدولة لا يألو قادتها جهداً في ترسيخ دعائم هويتها العربية والإسلامية بين المواطنين والمقيمين، والتي هي جزء لا يتجزأ من تراثنا. ولعل من أبرز ما ترسخ في أذهاننا طيلة هذه السنوات ما قاله المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه -:(لابد من الحفاظ على تراثنا؛ لأنه الأصل والجذور، وعلينا أن نتمسك بأصولنا وجذورنا العميقة). ولم يغفل سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله تذكير الجيل الجديد من مواطني الدولة، والذين لم يشهدوا حقبة ما قبل إنشاء الدولة، وبعد إعلان قيامها بأهمية الماضي إذ قال: (إن الجيل الجديد من أبناء الإمارات هو ثمرة جيل من الآباء والأجداد لهم كل الاعتزاز والتقدير، وهو لا يشكل انقطاعاً عن ماضينا بفضل الحرص على تعزيز التقاليد الراسخة التي هي جزء من التراث وتجسيد الالتزام). وفي هذا الإطار، فإن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، يؤكد على حتمية استمرار الرابط الذي يربط ماضينا بحاضرنا ليؤسس مستقبلنا، ألا وهو الحرص على تعزيز التقاليد العميقة التي لا تنفصل عن تراثنا، وذلك من خلال تمسك أبناء الجيل الجديد بهذه العلاقة بكل فخر واعتزاز. ويمضي سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله في السياق نفسه عندما يقول: (نعتز بأمسنا، ونفخر بحاضرنا ونمضي إلى غدنا بيقين ووعي وعزم أكيد وإرادة لا تعرف التردد وهمة لا تعرف التلكؤ).
وفي الوقت الذي تؤكد فيه هذه المقولة ضرورة اعتزاز المواطن بماضيه والفخر بحاضره، لكي يمضي بوطنه في أي مكان يتواجد فيه نحو الغد بيقين وثقة ضمن مسيرة البناء والتقدم؛ فإنها تحث شباب الوطن على ضرورة التحلي بالإرادة والعزيمة من أجل تحقيق تطلعات المستقبل. ومما لا شك فيه أن مسيرة بناء الوطن هدفها المواطن والمقيم، والذين هم أيضاً عماد التنمية وعليهم يقع عبء الحفاظ على مكانة الإمارات في قلوبنا تأكيداً لمقولة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله:
( إن واجب الوفاء والعرفان لوطن وفر الحياة الكريمة والسعيدة لكل أبنائه والمقيمين على أرضه يتطلب منا جميعاً أن نجعله دائماً في أعماق قلوبنا).
كانت تلك المقدمة التي تعمدت ذكرها قبل التطرق لما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي من مقطع لاحتفال إحدى مؤسسات التعليم العالي في الدولة باليوم الوطني وما أثاره الاحتفال من استياء لدى العديد لما تخلله من سلوك لا يتفق وهوية وعادات وتقاليد مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة. فنحن لسنا ضد الاحتفال باليوم الوطني لما يمثله هذا اليوم من ذكرى تمثل ماضينا وحاضرنا وتدفعنا بقوة نحو مستقبلنا، لكننا بالتأكيد مع الحفاظ على هويتنا وثقافتنا خلال تلك الاحتفالات. فدولة الإمارات يشهد لها القاصي والداني بانفتاحها على العالم وتُقبل الآخر وتسامحها ووسطيتها، ولكن في الوقت نفسه لا نقبل بتحول احتفالات ذكرى عزيزة على قلوبنا إلى مظاهر للإساءة لهويتنا وثقافتنا. ولهذا ندعو شباب الوطن أن يكونوا قدوة أمام المواطن والوافد في التمسك بهويتنا والحفاظ على ثقافتنا ووضع تراث الدولة ومكتسباتها منذ قيامها نصب أعينهم أثناء المناسبات الوطنية من أجل الحفاظ على تراثنا والمضي قدماً نحو المستقبل المنشود.
باحث إماراتي