أن تطلب من أمة أن تنبذ تاريخها، يعني أنك تطلب الكثير، وأنْ تطلب هذا من الولايات المتحدة – الدولة التي تحركها، أكثر من أي شيء آخر، أساطيرها الوطنية العظيمة – فقد يكون هذا هو المستحيل. وقد ظل هذا التفكير يلازمني بعد أن قرأت كتاب «بين العالم وأنا» للكاتب «تا نيهيسي كوتس»، في وقت مبكر من هذا العام. وتثير الاحتجاجات التي شهدتها جامعة «برينستون» الأسبوع الماضي، للمطالبة باسم جديد لمدرسة «وودرو ويلسون» نفس القضية، كما هو الحال في النقاشات الأخيرة، والتهمة هي أن الولايات المتحدة بعيدة أكثر مما تفكر بالنسبة لقبول ماضيها العنصري. ووفقا للكاتب «كوتس»، لم تكن العبودية مجرد أمر معيب في تاريخ كبير وملهم. ويقول: إن العنصرية كانت المبدأ الذي ينظم المشروع الأميركي برمته. إن مواجهة الحقيقة بشأن الماضي ليست مجرد أمانة فكرية، بحسب ما يرى. قد لا يكون هناك أي أمل في تحقيق العدالة الاجتماعية، اليوم أو غداً، ما لم يتم الاعتراف أخيراً بالطابع الخسيس في أساسه للمشروع الأميركي. وهذا هو الادعاء: إنكار التاريخ يديم إنكار العدالة. إن تكريم «وودرو ويلسون»، الذي يطالب بالعمى المتعمد لآرائه بشأن العرق، يصور القضية. وويلسون، الذي ينظر إليه كشخص أميركي تقدمي أسطوري، وبطل عصبة الأمم، قال: «لقد أثير الرجال البيض في الجنوب بمجرد غريزة الحفاظ على الذات لتخليص أنفسهم، من خلال وسائل عادلة أو مخالفة، من عبء لا يطاق للحكومات والذي حدث بسبب الزنوج الجهلاء». وليس من الصعب معرفة لماذا يشعر الأميركيون السود بالإهانة من التفكير في تكريم مثل هذا الشخص. يمكنك القول إن ويلسون كان يمثل أشياء جيدة وعظيمة، بجانب كونه عنصرياً. ولكن يمكن القول، أيضاً، إن الولايات المتحدة لا يمكنها تجاوز تاريخها العنصري، وتصبح مجتمع ما بعد العنصري الذي تعتقد أنها تريده، حتى تستطيع مواجهة الحقائق القبيحة حول ماضيها، كما تواجه الحقائق التي تعلنها. والأمر اللافت للنظر بشأن ويلسون ليس أنه يمكن التماس العذر لعنصريته، ولكن أنها بالكاد يُعترف بها. «جيفرسون» كان لديه عبيد. فهل تتطلب العدالة الاجتماعية أن تتم إزالة النصب التذكاري لجيفرسون؟ وواشنطن كان لديه عبيد. فهل من الضروري إعادة تسمية العاصمة؟ كلايف كروك* *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»