العنصريّة الدينيّة والعرقيّة من أخطر المظاهر السلبية بمجتمعاتنا العربيّة وعلى الأخص الخليجيّة حيث تُعتبر النزعة القبلية سبباً في الكثير من المشاكل التي تُعاني منها! لكن أيضاً لا يخفى على أيٍ منّا أن العنصرية الدينيّة أخطرها جميعاً وأضحت عاملاً أساسيّاً في تشتيت أقليات وفي تمزيق أوطان! الملاحظ بالسنوات الأخيرة تنامي مشكلة المهاجرين غير الشرعيين في أوروبا تحديداً مع ارتفاع وتيرة الحروب في سوريا، واستمرار القلاقل السياسيّة بالعراق، والتدني الاقتصادي بعدد من الدول الأفريقيّة، مما دفع شعوبها إلى تسليم رقابهم للمهربين رغم أهوال الطريق ونسب النجاة الضئيلة حيث لا ينجو سوى أعداد قليلة مقابل آلاف يبتلعهم اليم! ورغم احتفاء عدد من حكومات دول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها ألمانيا باستقبال اللاجئين، إلا أن قلقاً أخذ يتنامى في أوساطهم الاجتماعية كون أغلبية اللاجئين من المسلمين، مما سيؤثّر سلباً على مستقبل بلدانهم من وجهة نظرهم! ففي فرنسا على سبيل المثال، أبدى الكثير من الفرنسيين تخوّفهم مما يُطلقون عليه "الغزو الإسلامي" لبلادهم، ورفضهم الوجود الاسلامي على أرضهم وهو ماساهم في ارتفاع نسبة الاعتداءات عليهم. المشكلة من وجهة نظري لا تقتصر على التمييز ضد اللاجئين الفارين من نير الحرب، ومن الفقر المدقع! وإنما هناك مشكلة أخرى أضحت واضحة لكل من تطأ قدماه الأراضي الأوروبيّة! وهي ارتفاع ظاهرة العنف ضد المقيمين الشرعيين من العرب والمسلمين والقادمين إليها كسيّاح أو مبتعثين للدراسة فيها جلَّ غايتهم الرجوع لبلدانهم، وهم يحملون شهادات علميّة يُفيدون بها أوطانهم. كانت قد صدرت دراسة عن إحدى المؤسسات الحكوميّة ببريطانيا، تُظهر بأن جرائم الكراهية المرتكبة ضد المسلمين في العاصمة لندن تحديداً قد ازدادت بنسبة 70% خلال عام واحد، وقد وقعت بالفعل حوادث مؤسفة معظم ضحاياها من النساء بسبب ارتدائهن الحجاب أو النقاب! الولايات المتحدة الأميركيّة ليست مستثناة من القاعدة! فهي تُعاني من مشاكل الهجرة غير الشرعيّة! لكن هذا لا يعني بأنها غير متورطة في مستنقع التمييز العرقي! فتاريخها العنصري حافل بدءاً من إبادة الهنود الحمر سكّان أميركا الأصليين ومروراً بالأفارقة الذين استعبدتهم قروناً وانتهاءً بالتمييز المفرط ضد العرب والمسلمين ممن يحملون الجنسيّة الأميركيّة، الذين أصبحوا يُعانون من الاقصاء داخل أميركا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر! كما صرنا نسمع عن مظاهرات تخرج بين حين وآخر في بعض الولايات الأميركيّة تندد بالعنصرية العرقيّة ضد الأميركان السود رغم تولّي رجل أسود رئاسة البلاد! العنصرية لا وطن لها ولا جنسيّة وليست مقتصرة على شعب بعينه! ولم يعد مستغرباً أن نسمع عن متطرّف أميركي أو أوروبي قام باقتحام كنيسة أو مدرسة وقام بقتل العشرات لمجرّد تنفيذ فكرة مجنونة سيطرت على عقله! لذا الغرب يتحمّل جزءاً كبيراً من المسؤولية بتهاونه في معاقبة العنصريين وعدم وضع قوانين صارمة تُجرّم المتورطين عن حوادث التمييز العرقي والديني. لكن هذا لا يعفينا نحن أيضاً من المسؤولية! فقد نشرت الجماعات الدمويّة مثل "داعش" وغيرها من الجماعات المتطرفة صور سيئة للإسلام، حتّى غدا الكل ينظر لنا بريبة وحذر! إضافة إلى أننا في دواخلنا ما زلنا نصرُّ على إقصاء الآخرين والمناداة بفناء من يختلفون معنا في العقيدة والمذهب والطائفة! نحن اليوم بحاجة لنشر حمائم السلام في فضاءات العالم، وإقناع الناس بأن البيض وإنْ فسد فهذا ليس دليلاً بأن جميعه غير صالح للأكل! نحن في النهاية بشر وإن ظهرت بيننا وحوش في هيئة بني آدميين، لا يعني ذلك بأن الإنسانيّة قد انقرضت من القلوب! كاتبة سعودية