ليس هناك قلق كالذي يحيط بالمنطقة برمتها، حيث مضت سنوات طوال، والمنطقة تغوص في أزمة الهموم وفي دماء الأبرياء المراقة في كل زوايا الأخبار، وكأن لا خبر يهم إلا عندما يرتبط بمنطقتنا المشتعلة دوماً والمتهمة أبداً. عندما تسافر باحثاً عن استجمام تباغتك الشاشات المفعمة بتطورات سلبية، وكأنهم يحاصرون ذاكرتك بأنك موجود حتى يتم استجوابك حتى تستيقظ لديك كل هواجس الكوابيس التي رافقت رحلتك منذ ولادتك حتى إشعار آخر، معلقين على مشاجب الاتهام متسائلين عما يحدث ولماذا يحدث؟ ولماذا نحن فقط من كل هذه الكرة الأرضية الذين تشتعل النيران من تحت أقدامهم؟! وحتى إذا لبسنا لبوس الهرب من أحوالنا ومنطقتنا، ومن أشكالنا، نبقى محاصرين. فالحرائق المشتعلة على طول خريطة الجسد العربي طالتنا نحن الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة، لكن لا أحد يقرأ، ولا أحد يصدق أن هناك أبرياء، وهناك شعوب تدفع أرواحها ثمناً لحروب تاريخية لم يخضها حتى أجدادهم. الضريبه باهظة لا نملك لها وقتاً، ولانملك أن ندفعها، فكل الخيارات مستحيلة ومفروضة و نحن مكرهون دائماً على اختيارها. لسنا جبناء، ولا حتى متخاذلين، لكن أصابنا التعب من كل هذه الحصارات، ومن كل هذه الكوابيس المقيتة الصعبة، فالتاريخ الماضي وصل إلى واقع يومي معاش نخوض معركته مجبورين مضطرين أن نُكمل ما قاله التاريخ نصنع بصماتنا على كل صفحة، فقد مر من هنا أبطال أرغموا على خوضها دون قرار أو نية مسبقة. قطعتنا طوائف وشعوب، وغمرتنا سيول الجرائم التي لم نعرفها، لأننا كنا نغطُّ في نوم صعب بعد نهار شاق، صارت حفلات عشاء فاخر منطقتنا من ضحاياها، وكأن خارطتها تُقطع بالشوكة والسكين المطليتين بفضة الجريمة وسلب الاستقلال وزراعة الفتنة. ولدت الفتنة في حواضر أوروبا في عقليات غلب عليها منطق الاستحقاق، استحقاق ما لا يستحقون، وعقول انخرطت في جريمة قطعت أوصال منطقتنا وحرقت زروعها، وسرقت كل خيرات الأرض الغنية المترعة بالحب والحنين والخير الوفير. لهذا ولأنهم هم من زرعوا كل هذا الشر، وأسالوا هذه الدماء البريئة، ستطالهم نيران هذا الزرع الشيطاني، وستصل لدورهم. قد يطول الزمن، قد يتغير، لكنه في نهاية المطاف سيدفع الجميع كل أثمان هذه الأرواح التي تزهق في المنطقة، وهذه الأشلاء، وسيدرك أصحاب السرقات، أنهم سيدفعون ثمناً باهظاً لم تتصوره استراتيجيتهم ذات يوم، وأن الخراب مفتعل، والأيام لن ولن تذهب وتتراجع حسب ما قدمنا لها من ظنون. كاتبة إماراتية