ربما لا تكون جميع الديمقراطيات الناضجة سعيدة بمسارها، ولكنها تتقاسم في العراقيل التي تواجهها وحاجتها للإصلاح، تحديات معينة. لذا فإن الرؤى التي عرضها رئيس الوزراء الإيطالي «ماتيو رينزي» أثناء زيارته إلى صحيفة «واشنطن بوست» يوم الجمعة الماضي ربما تكون ملائمة بدرجة ما للسياسيين في الولايات المتحدة. ويحاول «رينزي» إعادة ترتيب النظام السياسي والاقتصادي المتصلب في إيطاليا من دون تسويف أو تأجيل وقد أحرز بعض النجاح في عامه الأول. وعلى الرغم من ذلك، لا تبدو السياسة أسهل بالنسبة له من القادة الأميركيين الذين يحاولون تبني برامج وقوانين قديمة في القرن الحادي والعشرين. وسواء أكانت الخدمات البريدية أو دعم مزارعي القطن أو الحفاظ على الضمان الاجتماعي، غالباً ما تكون جماعات المصالح الأميركية التي تستفيد من حالة الوضع الراهن منظمة بشأن قضاياها المحددة بصورة أفضل من هؤلاء الذين سيستفيدون من التغيير، أو بالأحرى.. الشعب بشكل عام. وعندما سألت «رينزي»: كيف يمكن لقائد منتخب أن يتغلب على ذلك الواقع، طرح مبدأين أساسيين: الأول هو الالتزام بالتغيير حتى عند المخاطرة بحدوث هزيمة انتخابية، والثاني هو الرؤية المفعمة بالأمل للدولة التي تحتاج إلى إصلاح شاق وليس ضروريا فقط. وأشار «رينزي» إلى أن مليون إيطالي خرجوا للتظاهر ضده في ديسمبر الماضي عندما اقترح إعادة صياغة «قانون العمل» الذي يجري العمل به منذ قبل ولادته. وعلى الرغم من ذلك دفع من أجل تغييرات تُسهّل على الشركات إقالة الموظفين، ومن ثم، على الأرجح توظيفهم. ونتيجة لذلك، أوضح أنه من الممكن أن يخسر الانتخابات المقبلة، قائلاً: «أأمل ألا أخسرها، لكن من الممكن أن يحدث ذلك». وأضاف «رينزي»، الذي كان يتحدث الإنجليزية بطلاقة: «لكنني لا يمكن على الإطلاق أن أخسر كرامتي». ويدفع رئيس الوزراء الإيطالي إلى إجراء تغييرات جوهرية أخرى: على الدستور الإيطالي، والنظام الانتخابي، وقوانين الضرائب وغيرها. ومنحت مجلة «ذي إيكونومست» مؤخراً درجات متباينة لإصلاحاته تباينت بين «تم تنفيذها» (كما في حالة قوانين العمال) إلى «الاقتراب من الموافقة» (كما في حالة الإصلاح الانتخابي)، وأما على صعيد العدالة المدنية، فلا يزال هناك طريق طويل. ولا يبدو أن رئيس الوزراء يهاب «الطريق الطويل الذي يتعين عليه قطعه من أجل التغيير»، وقال رينزي: «يمكننا حقاً أن نغير إيطاليا، وهذا هو الطريق الوحيد». واستطرد: «لكن ذلك لا يكفي حقيقة، فبعد الإصلاح ماذا ستكون هوية إيطاليا، وما هي الرؤية للأعوام العشرين أو الثلاثين المقبلة». ثم ما لبث أن أصبح «رينزي» شاعرياً بشأن رأس المال البشري والإبداع التقني والهندسة والتصميم والتصنيع مرتفع الجودة، وارتفاع مستوى المعيشة اليومية، والقيم والهوية. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»